free page hit counter
اخبار محلية

الحظر بين المصالح والهروب من المسؤوليّة

الحظر بين المصالح والهروب من المسؤوليّة

اليوم، على بعد ساعات من اجتماع المجلس القومي للأمن، تمرّ بلادنا بمفترق طرقات قد يحدّد بصفة جدّيّة مصيرها من الإستجابة لواحدة من الأولويّتين: حماية صحّة المواطن ومواصلة خوض المعركة ضدّ فيروس كورونا من جهة، وإنقاذ الإقتصاد وتدارك الأمر بعد تصاعد ظهور شبح الإفلاس والبطالة بسبب توقّف الحركيّة في البلاد من جهة أخرى.
وبين هذه الأولويّة وتلك، اختلفت وجهات النّظر ممّا سيجعل اتّخاذ القرار على مستوى المجلس القوميّ للأمن غير يسير بالمرّة.
على مستوى وزارة الصّحّة، أجمع الخبراء والأطبّاء على ضرورة التّروّي وعدم الإقدام على المخاطرة دون ثوابت علميّة وصحّيّة تسمح باتّخاذ قرار التّخفيف من الحظر الصّحّي، إذ يرون أنّ واقع الوباء في تونس مايزال في وضعيّة تطوّر يمكن أن يتّجه نحو كلّ الإحتمالات وهو ما يحتّم الحذر ومزيد التّركيز على الوقاية القصوى من خلال حظر يجب دعمه خوفًا من تداعيات ما حدث خلال الأسبوعين الأوّلين للشّهر الحاليّ من تجمّعات وتجاوزات وخرق يمكن أن تفرز كارثة صحّيّة يصعب التّصدّي لها.
في المقابل، يأمل رجال الإقتصاد في الخروج تدريجيًّا من الحظر الذي زعزع استقرار الوضع الإقتصاديّ وأثّر بشكل كبير على الوضعيّة الحاليّة للمؤسّسات، الخاصّة منها في المجال الأوّل، ومستقبل عشرات الآلاف من العمّال والأعوان الذين قد يجدون أنفسهم مرسّمين في قائمات البطالة رغم أنوفهم وهو ما سيمهّد لحدوث تغييرات وتقلّبات اجتماعيّة قد تعصف بالإستقرار الحاليّ الذي يعتبر، رغم الضّمانات الموجودة، هشًّا، فما بالكم بعد أن تهزّه أزمة كورونا.
وبين هذا الرّأي وذاك، أدلى كلّ طرف بدلوه لاقتراح الحلول باستثناء الرّئاسات الثّلاث التي واصلت سياستها الحذرة حتّى لا تتورّط وحتّى لا يحاسبها أحد ولن تخسر قيد أنملة في موقعها السّياسيّ.
في قرطاج، اكتفى قيس سعيّد بجمع أفراد عائلته حوله خشية عليهم من العدوى ولم تعد المنيهلة المقرّ المناسب لهم في هذه الأزمة، ولم يكلّف نفسه إلّا بعض الحضور في مناسبات لا تغني من جوع ليفحمنا بخطابات يراهن مستمعوها على فهم معانيها ومفرداتها.
في القصبة، كان تحرّك إلياس الفخفاخ محمودًا في الفترة السّابقة وهو يبحث عن “التّفويض العظيم” الذي سيمكّنه من تطبيق برنامجه السّحريّ لمقاومة كورونا. وما إن حصل عليه، حتّى خيّم الصّمت على تحرّكاته في ظرف يحتّم وجوده وتدخّله الحاسم في عديد القضايا، منها التّلاعب الموجود في صفقة وسعر الكمّامات، ومنها أيضًا إضفاء الشّفافيّة على صندوق 18-18 والتّعامل بصدق ووضوح مع المؤسّسات الإقتصاديّة التي قد يجرّ انهيارها إلى زلزال اجتماعيّ سيعصف بكلّ مكوّنات البلاد.
وفي انتظار أن يتحمّل حكّامنا المسؤوليّة كاملة لاستحقاق وجودهم في أعلى الهرم، سيجد المواطن نفسه مجبرًا على التّعويل على نفسه في المقام الأوّل، في غياب درع الدّولة الذي لا يكاد يكون موجودًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!