مجلة the economist” البريطانية: اتحاد الشغل يعيق التقدم في تونس ويعيدها الى الوراء
الاتحاد العام التونسي للشغل المتحصل على جائزة نوبل للسلام سنة 2015، يعيق تقدّم تونس، هكذا عنونت المجلة البرطانية الايكونوميست “the economist” تقريرا نشرته اليوم الاثنين 12 مارس 2018.
ورغم أن الاتحاد كان دائما لاعبا أساسيا في الحياة السياسية، لا سيما من خلال دوره الوطني في عدة مسائل كمشاركته في النضال من أجل الاستقلال ، ودوره في إسقاط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، فضلا عن أهمية الوساطات التي مكنت البلاد من تجنب العديد من الأزمات، فإن مجلة الايكونوميست تعتقد أن الاتحاد مسؤول رئيسي على المشاكل الاقتصادية في تونس.
وحسب تقرير المجلة فإن المركزية النقابية مثلت واحدة من أكبر العقبات أمام نمو البلاد، وأرجعت ذلك الى مسألة البيروقراطية التي تدعمها، وتحدث التقرير عن ارتفاع نسق الانتدابات في الوظيفة العمومية مباشرة بعد الثورة، وهو ما تسبب في ارتفاع كتلة الاجور التي قاربت الـ14٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، وتعد من أعلى النسب في العالم.
وتابعت المجلة، أن الاتحاد العام التونسي للشغل حارب دائما محاولات الحكومة في الحد من نفقاتها، وعارض كثيرا مسألة خوصصة المؤسسات العمومية، واعتبرها خطا أحمر، وترى أن تتالي الاضرابات و الاحتجاجات سيضر بالبلاد كثيرا في وقت تحتاج فيه الى وحدة وطنية، وتكاتف جميع الجهود من أجل النهوض باقتصادها.
ولفتت المجلة الى تكرر الدعوات الى الاضرابات، وذكرت أمثلة على ذلك منها، الدعوات الى تنفيذ تحركات واسعة النطاق لمناهضة الحكومة عام 2013، وإغلاق الخدمة البريدية في 2016 لعدة أيام للاحتجاج على الطريقة التي عومل بها مسؤول ، فضلا عن التهديدات في ديسمبر الماضي التي أجبرت الحكومة على التخلي عن تجميد الأجور في القطاع العام في2017.
وترى المجلة ان النقابات، أكثر تأثيرا في الجهات الداخلية، في مقدمتها ولاية قفصة، المنتج الرئيسي لمادة الفسفاط، لافتتا الى تراجع تونس في تصنيفها ضمن الدول الأكثر إنتاجا لمادة الفسفاط، وحملت الاتحاد مسؤولية الترفيع في عدد الموظفين بشركة فسفاط قفصة، الذي بلغ 2500 موظف جديد في 3 سنوات فقط، ومواصلة تنفيذ الاضرابات رغم الانتدابات، ما أدى الى تراجع الانتاج من 8 ملايين طن سنة 2010 إلى 3.3 مليون فقط سنة 2018.
ووفقاً لـ “الإيكونوميست” ، فإن أحد معوقات الميزانية الأكبر في تونس هو نظام التقاعد ، الذي يعاني من عجز قدره 1.1 مليار دينار، أي بزيادة 65 في المائة عن العامين الماضيين، وأن الحكومات المختلفة قد قامت بإصلاحات “خجولة” ، بما في ذلك اقتراح رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 ، وهو ما رفضه الاتحاد العام،”في أكتوبر الماضي.
في المقابل، لفتت المجلة البريطانية إلى مواصلة الاتحاد العام التونسي للشغل لعب دوره الوطني رغم الاضطهاد الذي تعرض له منذ الاستقلال، مستشهدة في ذلك بدور الوساطة الذي لعبه خلال أحداث الكامور في اقناع المعتصمين بالسماح بعودة انتاج البيترول بعد توقف دام لمدة أشهر، والاشراف على المفاوضات بين المعتصمين والطرف الحكومي.
ولئن ثمنت هذا الدور الهام للاتحاد، فإنها أكدت أن خبراء الاقتصاد يرون أنها سياسة سيئة، تسببت في خسائر مادية هامة للدولة خلال العقد الماضي، حيث تراجع انتاج النفط بحوالي 29%، وذلك رغم الترفيع في عدد العاملين بشركة النفط بنسبة 14%.
وحسب نفس المصدر، فان الاتفاق المبرم بين الحكومة والمعتصمين تحت اشراف اتحاد الشغل، قد دفع الحكومة إلى مطالبة شركات النفط والغاز الخاصة بتوظيف حوالي 1500 شخص في المنطقة لكن هذه التعيينات لا تزال عديمة الجدوى لأن “هذه الشركات لا تحتاج إلى يد عاملة إضافية.