قيس سعيّد يرد بقوة على البرلمان الأوروبي ويؤكد: سيادتنا ليست محلّ نقاش





سعيّد يوجّه رسالة حازمة للاتحاد الأوروبي…voir plus



سعيّد يوجّه رسالة حازمة للاتحاد الأوروبي…voir plus

في سياق تزايد التوتر الدبلوماسي بين تونس وبعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وجّه رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء الخميس 27 نوفمبر رسالة شديدة اللهجة خلال لقاء جمعه بوزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، وذلك على خلفية القرار غير التشريعي الذي صوّت عليه البرلمان الأوروبي والمتعلق بالوضع الحقوقي والسياسي في تونس، بما في ذلك المطالبة بإطلاق سراح المحامية والصحفية سنية الدهماني.


سعيّد لم يترك أي مجال للتأويل. فقد بدأ حديثه بتصريح مباشر:
«لتُبلّغوا كلّ من في آذانهم وقْر أنّنا دولة مستقلة ذات سيادة، ولن نقبل أبداً بأي جهة تتدخّل في شؤوننا الداخلية».
بهذه العبارات وضع الرئيس إطاراً واضحاً للخطاب الرسمي في مواجهة ما اعتبره “تجاوزاً للأعراف” من قبل البرلمان الأوروبي.

وذهب رئيس الجمهورية أبعد من ذلك حين وصف ترتيب مواعيد جلسات البرلمان الأوروبي بأنه محاولة للظهور في موقع “الأستاذ” الذي يوزع الدروس والعلامات على الشعوب والدول، مؤكداً أنّ تلك المقاربة «وهمٌ قائم على عقلية استعمارية قديمة» لم يعد لها مكان في عالم اليوم. ويبدو أن هذا الخطاب يعكس تحوّلاً نحو موقف أكثر تشدّداً في الرد على الانتقادات الأوروبية بعد أشهر من التوتر المتقطع.

الرئيس ذكّر أيضاً بأنّ تونس “ليست ضيعة ولا بستاناً ولا أرضاً بلا سيّد”، في إشارة واضحة إلى محاولات بعض الأطراف الخارجية فرض رؤى سياسية أو حقوقية على الدولة التونسية. كما أعاد التأكيد على أن الشعب التونسي عبر تاريخه رفض كل أشكال “الاحتقار” والتصنيف بين شعوب “متمدّنة” وأخرى “همجية”.

وبحسب ما أكده سعيّد، فإنّ تونس وجّهت خلال اليومين الأخيرين احتجاجاً شديد اللهجة، وكُلّف وزير الخارجية بتوجيه احتجاج مماثل إلى إحدى ممثلات الدول الأجنبية المعتمدة في البلاد بسبب “عدم احترام الأعراف الدبلوماسية”. وأضاف الرئيس بلهجة واضحة: «من لا يحترم بلادنا وسيادة شعبنا يجب أن يعلم أنّنا لن نقبل بهذا ولن نرتضيه».


الرسالة الموجهة للاتحاد الأوروبي كانت واضحة: «سيادتنا ليست موضوعاً للنقاش، ولن تكون أبداً». هذه العبارة يمكن اعتبارها حجر الزاوية في تطور جديد محتمل للعلاقات بين تونس ومؤسسات الاتحاد الأوروبي. فالرئيس يرى أنّ “التحدي لا يُواجه إلا بالتحدي”، وأن الردّ على ما وصفه “بالتدخل الصارخ” سيكون بطريقة تضمن لتونس “الانتصار المبين”.

ومن جانب آخر، ألمح رئيس الدولة إلى أنّ تونس كانت على علم مسبق بجلسة البرلمان الأوروبي وجدول أعمالها، معتبراً ذلك محاولة واضحة للتأثير على الشأن الداخلي، وأن تونس “قادرة على الرد بالدرس تلو الدرس” عندما يتعلق الأمر بالحقوق والحريات، في إشارة إلى أن البلاد لا تقبل تصويرها على أنها في موقع ضعف.

هذا الموقف يعكس مرحلة جديدة في الخطاب الدبلوماسي التونسي، مرحلة تتسم بالحزم في مواجهة الانتقادات الخارجية، واعتماد خطاب يركز على الاستقلالية الكاملة في القرار الوطني، سواء تعلق الأمر بالملفات السياسية أو الملفات الحقوقية التي أثارها البرلمان الأوروبي.

التحليل الأولي يشير إلى أنّ هذا التصعيد اللفظي قد يفتح الباب أمام تغيّرات في مقاربة تونس لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الملفات العالقة، مثل التمويلات الأوروبية، برامج الشراكة، ملف الهجرة، ومتابعة الإصلاحات الاقتصادية. ولكن في المقابل، قد يأتي الخطاب التونسي ليؤكد رغبة الدولة في إعادة صياغة علاقة أكثر “ندية” مع الشركاء الأوروبيين، بعيداً عن منطق الإملاءات.

كما لا يمكن فصل هذا الموقف عن السياق الداخلي، حيث يتقاطع مع نقاش واسع حول السيادة الوطنية، مدى استقلال القرار السياسي، وموقع تونس في علاقاتها الدولية. ويبدو أن الخطاب الحالي يجد صدى لدى فئات ترى أن البلاد تحتاج إلى موقف أكثر صرامة تجاه الضغوط الخارجية، مقابل فئات أخرى تخشى أن يؤدي هذا التوتر إلى انعكاسات على التعاون الاقتصادي والمالي.

في المحصلة، ما حصل خلال الساعات الماضية ليس مجرد ردّ دبلوماسي عابر، بل هو جزء من مشهد أكبر يعاد تشكيله بين تونس والاتحاد الأوروبي. الأيام القادمة ستكون حاسمة لمعرفة ما إذا كان هذا الخطاب سيتحول إلى سياسة مستدامة أو سيكون مجرد رد ظرفي فرضته لحظة سياسية دقيقة.


خلاصة

موقف قيس سعيّد يحمل دلالات سياسية ودبلوماسية واضحة، فهو خطاب يعيد التأكيد على تمسّك تونس بسيادتها المطلقة، ويرسم خطاً أحمر أمام أي مؤسسة أجنبية تتجاوز حدود التعامل المتكافئ. وفي انتظار التفاعلات الأوروبية القادمة، يظل هذا الموقف مؤشراً على مرحلة جديدة عنوانها الصراحة والوضوح في الدفاع عن القرار الوطني.

مقتطف تعريفي قصير (Snippet)

أكد قيس سعيّد أنّ سيادة تونس «ليست موضوعاً للنقاش»، رداً على قرار البرلمان الأوروبي، مشدداً على أنّ القرارات الوطنية تُصنع داخل البلاد دون تدخل خارجي.

الأسئلة الشائعة (FAQ)

ما سبب ردّ قيس سعيّد على البرلمان الأوروبي؟

جاء الرد على خلفية القرار غير التشريعي للبرلمان الأوروبي المتعلق بالوضع الحقوقي في تونس ومطالبته بإطلاق سراح سنية الدهماني.

كيف ترى تونس هذا الموقف الأوروبي؟

تعتبره تونس تدخلاً في الشأن الداخلي وتجاوزاً للأعراف الدبلوماسية، وفق تصريحات رئيس الجمهورية.

هل سيؤثر هذا التوتر على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي؟

من المتوقع أن تشهد العلاقات مرحلة جديدة قد تتسم بإعادة ضبط التوازن بين الطرفين بناءً على مبدأ الندية.


Exit mobile version