free page hit counter عنوان الصفحة

اخبار دوليةالعالميةسياسة

هل ما تفعله دول الخليج منطقي؟ تحليل عميق في صفقات الحماية والتحالف مع ترامب

من يدفع ومن يستفيد؟ قراءة معمّقة في منطق “البترودولار الخليجي” والتحالف مع ترامب

بقلم: Makram |

مقدمة: تحالف المال والنفوذ

منذ سبعينيات القرن الماضي، بُني التحالف بين الولايات المتحدة ودول الخليج على قاعدة بسيطة: النفط مقابل الحماية. غير أن هذا التحالف تطور بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي حوّله إلى ما يُشبه “عقد حماية مدفوع مقدماً”. فهل ما تفعله دول الخليج – من إنفاق ضخم واستثمار سياسي واقتصادي في أمريكا – يُعد منطقياً؟ أم أن الأمور تسير نحو استنزاف استراتيجي طويل الأمد؟

الجذور الاستراتيجية: النفط، الدولار، والبقاء

منذ اتفاق 1974 بين السعودية والولايات المتحدة، تم ربط بيع النفط بالدولار، مما عزز من موقع العملة الأمريكية كعملة احتياط عالمي. هذا التحالف غير المعلن رسّخ تبعية متبادلة: أمريكا تحصل على استقرار نقدي عالمي، ودول الخليج تحصل على الحماية العسكرية والسياسية.

في عهد ترامب، تحوّل هذا التفاهم إلى ما يُشبه علاقة تجارية فجة: دفع مقابل الحماية، حيث وصف ترامب الأمر بوضوح حين قال: “لولا حمايتنا، لما بقيت السعودية أسبوعين”.

أرباح وخسائر دول الخليج: قراءة متعددة الأبعاد

لنفكك الآن ما تكسبه وتخسره دول الخليج من هذه العلاقة:

1. الكلفة المالية الباهظة

  • صفقات تسليح تتجاوز 400 مليار دولار دون أي توطين فعلي للصناعة الدفاعية.
  • استثمارات ضخمة في شركات أمريكية وبنية تحتية في الولايات المتحدة، بمردود محدود.
  • شراء سندات الخزانة الأمريكية لدعم الاقتصاد الأمريكي دون فائدة سياسية مباشرة.

2. العوائد غير المباشرة

  • حماية من التهديد الإيراني دون الدخول في حرب مفتوحة.
  • تثبيت الأنظمة السياسية في وجه الضغوط الغربية وتهديدات “الربيع العربي”.
  • تسهيل التدخلات الإقليمية (مثل اليمن، ليبيا، السودان) ضمن مظلة أمريكية صامتة.

3. الخسائر الاستراتيجية الطويلة الأمد

  • تآكل الاستقلال السيادي بسبب الارتهان الكامل لقرار واشنطن.
  • حرمان الشعوب من استثمار حقيقي في التعليم، التكنولوجيا، الغذاء والدواء.
  • بقاء الاقتصاد معتمدًا على النفط والدولار، دون بناء بدائل إنتاجية حقيقية.

هل المنطق يُقاس بالنتيجة؟

من منظور واقعي، ما تقوم به دول الخليج يمكن وصفه بأنه منطق البقاء السياسي بأي ثمن. فهو منطق يحافظ على استقرار الأنظمة، لكنه لا يبني استقرار الدول.

أما من منظور شعبي وتاريخي، فإن هذا النهج **يبدو قصير النظر**، لأنه يُفقر المستقبل لصالح الحاضر، ويُبقي الدول في موقع “الزبون الاستراتيجي” الدائم، لا “الشريك المتكافئ”.

في عالم يتغير بسرعة، وتعاد فيه صياغة التحالفات الكبرى (مثل صعود الصين وتراجع الأحادية الأمريكية)، فإن استمرار الخليج في هذا النمط قد يصبح **غير مجدٍ وغير مضمون**.

خاتمة: بين البقاء والنهضة

ما تفعله دول الخليج منطقي إذا كان الهدف هو البقاء القصير المدى، والحفاظ على الأنظمة. لكنه غير منطقي إذا كان الهدف هو بناء مشروع حضاري حقيقي، يحقق الاستقلال ويضمن كرامة الأجيال القادمة.

المطلوب اليوم ليس فقط مراجعة الحسابات المالية، بل مراجعة الاستراتيجية برمتها: هل نريد أن نبقى تابعين لنظام دولي قائم على الابتزاز؟ أم نريد أن نؤسس لقوة خليجية متوازنة، مستقلة، ومنتجة؟

تم النشر على: tunimedia.tn/ar | جميع الحقوق محفوظة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى