سياسة
زيارة رئيس الجمهورية إلى قابس…هل بمثل هذا الخطاب نحقق ما من أجله قامت الثورة؟
زيارة رئيس الجمهورية إلى قابس…هل بمثل هذا الخطاب نحقق ما من أجله قامت الثورة؟
أنهى الرئيس قيس زيارته إلى مدينة قابس بعد أن عاين الأضرار التي لحقت مصنع الخرسانة الإسمنتية إثر تعرضه إلى حريق هائل تسبب فيه انفجار أحد صهاريجه مما أودى بحياة خمسة عمال بإلقاء كلمة بمقر الولاية قال فيها “لا يمكن أن تنهض إلا بعدالة حقيقية اجتماعية واقتصادية إن قابس لما تم اختيارها في سنوات السبعين أن تكون منطقة صناعية فقد قاموا باغتيالها وأنا أعرفها جيدا كانت قبل أن تصبح منطقة صناعية وتتحول إلى جهة ملوثة منطقة تتوفر على جملة من العناصر هي من ميزات الجهة لا تجتمع في نفس المكان من بحر وواحات وصحراء وكانت تمتلك زراعات على الدوام من غراسات الرمان والزراعات السقوية كما أذكر ” واحة شنيني ” هي صورة من قبيل الحلم ولكن اليوم أين كل هذه المقومات؟
اليوم مشروع قابس الفضاء الذي أنتجه بعض الشباب هو البرنامج الذي أتحدث عنه .. البرنامج عندكم ويكفي أن تتوفر الإمكانيات لتحقيق إرادتكم .. أنتم الذين تريدون وأنتم الذين تعرفون ماذا تريدون تكفي فقط أن تتوفر الوسائل القانونية لتحقيق ما تريدون .. وإن الشخص الذي يتخذ ورقة ويكتب برنامجا وما هو ببرنامج بل هو إملاءات داخلية وخارجية نحن نريد برامجنا نابعا من إرادتنا وموجا لشعبنا و نابعا من اختياراتنا وتصوراتنا لقد عاهدت الله وأعاهدكم على أنني سأتصدى بكل الوسائل للفاسدين والمفسدين وعلينا جميعا أن نتصدى لأسراب الجراد.. أنا لن انتمي لأي حزب وإنما انتمائي لتونس إنني أحمل همومكم وهذه المحاولات التي أقوم بها يجب أن لا تقابل بالجحود والنكران ومن عاهد عليه أن يفي بعهده .. هناك جهات تريدنا أن نعيش في ظل الأزمات لأن خطاب الأزمة هو عندهم وسيلة من وسائل الحكم…
ويضيف القول: كل يوم نسمع حديث عن شباب يغادرون عبر البحر وعن أموال سرقت وثروات نهبت وأرقام نسمعها في نشرات الأخبار والتونسيون يزدادون فقرا و إملاقا فمن هو المتسبب في الأزمة ؟ تأتي ردود الفعل لتبرير ما لا يبرر والتكذيب أنا لا أتعامل معهم بنفس اللغة ويتقاضون من أجلها الأموال للأبواق المسعورة وللخونة وللعملاء …”
كان هذا جزء مهم من الكلمة التي ألقاها الرئيس قيس سعيد خلال زيارته الأخيرة إلى ولاية قابس وهي كلمة خلفت ردود فعل سلبية وخيبة أمل كبيرة وحيرة في فك رموز خطابه الغامض. فإذا القينا جانبا اللوم الذي وجهه فيما حصل لولاية قابس من تلوث بيئي جراء تركيز وحدات صناعية قضت على كل المجال الفلاحي الذي كان متوفرا وتحميله حكومة الاستقلال ما عرفته قابس من تجاهل ومن تأخر قطار التنمية بها حينما اعتبر أن قابس جهة “عاقبتها دولة الاستقلال ” حينما ركزت بها وحدة صناعية وهو بذلك يثبت المقولة التي كان يرددها خصوم الرئيس بورقيبة بأن باني تونس الحديثة قد عاقب جهات عديدة حينما تعمد تفقيرها وما صدر عن الرئيس قيس سعيد يحتاج أن يتوقف عنده لتوضيح حقيقة هذا العقاب السياسي الذي يتحدث عنه حينما ركزت الدولة وحدة صناعية في بداية الاستقلال كان الغاية منها النهوض بالجهة تنمويا ، إذا تجاوزنا هذه المسألة فإن المخيب للآمال في هذه الزيارة أن كلمة سيد الرئيس كانت كالعادة خطابا موجها إلى جهات غير معلومة ومن أجل توجيه رسالة إلى أعداء لا نعلمهم ولم يسميهم حيث عاد من جديد للحديث عن محاربته الفساد والمفسدين وكانت كلمة خاوية من كل قرارات ملموسة ودون اجراءات عملية وكانت كلمة انتظر منها أهالي قابس أكثر من مجرد شعارات لقد كان المطلوب بعد معاينة الأضرار التي تعرض لها مصنع الإسمنت وما نتج عن حريقه من سقوط ضحايا أن يعلن عن حزمة من القرارات لفائدة الجهة ترفع عنها كل الصعوبات التي تعيشها أو على الأقل الاعلان عن وعد باتخاذ اجراءات لصالح أبناء الجهة ولكن لا شيء من هذا قد حصل لنخرج من هذه الزيارة بخطاب تعودنا على سماعه يحمل الدولة التي هو رئيسها المسؤولية في عدم توفير الامكانيات للناس فالسكان في قابس هم وحدهم حسب ظنه من يقرر ما يريدون؟
وهم وحدهم الذين ينجزون ما يريدونه…فهل بمثل هذا الخطاب نحقق ما من أجله قامت الثورة وأحرق نفسه محمد البوعزيزي صاحب عربة الخضار بسيدي بوزيد ؟