وتعيش تونس منذ أشهر على وقع غضب شعبي بسبب أزمة التموين المتفاقمة، والتي تتوسع معها يوميا قائمة المواد المختفية من السوق، ما يضطر الحكومة إلى استعمال المخزونات الاحتياطية المخزنة لامتصاص جزء من الأزمة.
وتتولى المؤسسات الحكومية، المكلفة بالشراءات العمومية للمواد الحيوية من حبوب ودواء وطاقة وسكر، تكوين مخزوناتها الاحتياطية سواء عبر الإنتاج المحلي أو الواردات، غير أن عدم توفر السيولة لخلاص المزودين تدفع السلطات إلى استعمال المخزون الاحتياطي الذي يتم استنفاده أحيانا.
ويقول عضو النقابة الأساسية لمصنع السكر الحكومي أحمد الوحيشي إن المصنع يوفر احتياطيا استراتيجيا سنويا بالتوازي مع الإنتاج بما يقدر بـ7 آلاف طن يتم تخزينها في مستودعات المصنع، غير أن نقص العرض المحلي الناجم عن تأخر الشحنات الموردة من قبل ديوان التجارة أدى إلى استنزاف كامل الاحتياطي.
ويؤكد الوحيشي في تصريح لـ”العربي الجديد” أن المصنع بصدد تكوين مخزون جديد مع عودة الإنتاج ووصول باخرة تحمل مواد أولية من القصب السكري بنحو 27 ألف طن، معتبرا أن تكوين الاحتياطي أمر مهم لضمان انتظامية تزويد السوق وكبار المصنعين.
غير أنه يضيف أن تكوين احتياطي بـ7 آلاف طن سيكون صعبا نظرا للطلب الكبير على السكر، مرجحا ألا يتجاوز الاحتياطي 4 آلاف طن خلال المرحلة الحالية وفق تقديره.
ويحذر خبراء اقتصاد من مخاطر تآكل احتياطي المواد التموينية الأساسية، وتواصل شح السيولة المالية في ظل تأخر الحلول لأزمة المالية العمومية، وعدم توصل السلطات إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وبداية الأسبوع الماضي بدأ وفد رفيع المستوى محادثاته مع خبراء صندوق النقد الدولي في واشنطن، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي يسهّل صرف قسط أول من قرض قد تتراوح قيمته ما بين 2 و4 مليارات دولار.
ويحذر خبراء اقتصاد من مخاطر تآكل احتياطي المواد التموينية الأساسية، وتواصل شح السيولة المالية في ظل تأخر الحلول لأزمة المالية العمومية
وتكشف بيانات رسمية أن ديوان التجارة (المورد الحصري للسكر والقهوة والشاي والأرز) استنفد منذ سنة 2011 أمواله الذاتية لتصبح سلبية بـ 234 مليون دينار سنة 2021، كما لجأت مؤسسة التموين إلى التداين بداية من 11 عاماً لدى الجهاز البنكي بمبلغ قدره 370 مليون دينار، مما نتج عنه تحمل الديوان لأعباء مالية كبيرة (الدولار = نحو 3.3 دنانير).
وتضغط أزمة شح السيولة وصعوبات التموين على احتياطي العملة لدى البنك المركزي التونسي الذي تراجع إلى مستوى 108 أيام من الواردات، بما قيمته 23.6 مليار دينار بينما يواصل الدينار تراجعه أمام العملات الأجنبية.