هذا ما قررته محكمة بن عروس في قضية صانع المحتوى والإنستغراموز الشهيرة…

خلفية الملف وتسلسل الأحداث

تعود أطوار القضية إلى شكايتين تقدمت بهما المشتكِية وشقيقها ضد صانع المحتوى بدعوى المسّ من سمعتهما عبر محتويات منشورة على الإنترنت. وكان الموقوف قد أودِع السجن على ذمة البحث، قبل أن يتقرر الإفراج عنه لاحقًا وإبقاؤه في حالة سراح بعد إسقاط حق التتبع من طرف المشتكِيْن، مع تواصل الإجراءات القضائية وصولًا إلى جلسة اليوم التي انتهت بالحكم سالف الذكر بتأجيل التنفيذ.

ماذا يعني “تأجيل التنفيذ” عمليًا؟

يعني الحكم بالسجن مع تأجيل التنفيذ أن العقوبة لا تُنفّذ فورًا، ويظلّ المحكوم عليه في حالة سراح ما لم يرتكب خلال مدة الاختبار فعلًا يُعيد تفعيل العقوبة أو يُفضي إلى تتبعات جديدة. يوفّر هذا الإجراء للقضاء مساحة لتحقيق الردع العام دون المسارعة إلى سلب الحرية، خاصة في القضايا المتعلقة بالنشر الإلكتروني والسمعة، حيث يقدّر القاضي ظروف الملف ومدى تعاون الأطراف ونتائج إسقاط الشكاية.

القضايا المرتبطة بالنشر الإلكتروني: بين حرية التعبير والحماية من الإساءة

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا في عدد الملفات المتعلقة بالمحتوى الرقمي، في ظل توسع استخدام المنصّات الاجتماعية. ورغم أن حرية التعبير مكفولة، إلا أنها مؤطرة قانونيًا بما يمنع القذف والثلب ونشر المعطيات المسيئة أو غير الدقيقة التي تمس من حقوق الغير وسمعته. لذا تميل المحاكم إلى الموازنة بين الحقّين، وإلى تشجيع التسوية وإسقاط التتبعات حين تتوفر شروطها، مع تحميل صانع المحتوى مسؤولية ما ينشره خاصة عندما يتحول تأثير المحتوى إلى ضرر فعلي.

لماذا استندت المحكمة إلى خيار العقوبة المؤجلة؟

يعكس الحكم توجّهًا قضائيًا يراعي طبيعة الجرائم المرتبطة بالفضاء الرقمي، حيث تكون التسوية والاعتذار وإزالة المحتوى المسيء وعوامل حسن السيرة محددات مهمة في تحديد طبيعة الجزاء. في هذه القضية تحديدًا، شكّل إسقاط الشكاية من طرف المشتكِيْن عنصرًا مؤثرًا، لكنه لا يمحو تلقائيًا الأفعال موضوع التتبع، ولذلك جاء الحكم بالسجن مع تأجيل التنفيذ باعتباره حلًا وسطًا يوازن بين ردعية القانون وإتاحة فرصة لتجاوز النزاع دون آثار سالبة على حرية الشخص المحكوم عليه.

خط زمني مختصر

• أوت 2025: إسقاط الشكاية من طرف المشتكِيْن، والإفراج عن صانع المحتوى مع الإبقاء عليه في حالة سراح إلى حين الجلسات اللاحقة.
• 8 سبتمبر 2025: الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس تقضي بالسجن 6 أشهر مع تأجيل التنفيذ على خلفية القضيتين موضوع الشكاية.

تنبيهات مهنية لصنّاع المحتوى

يذكّر هذا الملف بأن صناعة المحتوى مسؤولية قانونية وأخلاقية. أي مادة تتضمن اتهامات أو توصيفات تمسّ الأشخاص ينبغي أن تُدقّق مصادرها وأن تُصاغ بلغة مهنية خالية من القدح أو التشهير. كما يستحسن اعتماد آليات تصحيح وتوضيح عند وجود لبس، واحترام حق الردّ، والالتزام بميثاق تحريري داخلي يضمن الحد الأدنى من المعايير المهنية، تفاديًا للتتبعات وما قد ينشأ عنها من آثار على السمعة والمهنة.

مراجع الخبر ومصادره