free page hit counter
اخبار محلية

من هو صلاح الدين عمامي الذي وضعت صورته على احدى الاوراق النقدية الجديدة

صلاح الدين العمامي في 20 جانفي 1936 بصفاقس. وهو هو أصيل منطقة المكناسي. كانت دراسته إلى حد أن أنهى شهادة ختم الدروس الثانوية بصفاقس حيث تحصل بمعهد الذكور سنة 1957 على شهادة الباكالوريا في الرياضيات، وأحرز سنة 1956 دبلوم الدراسات العربية للمعهد الصادقي. ثم أمضى سنتي 1958 و1959 ببوردو في دورة تحضيرية بمعهد “مونتاني” لدخول المدارس الفلاحية العليا، وهو ما مكّنه سنة 1959 من الالتحاق بالمعهد الوطني للفلاحة بباريس وقد قضى هناك السنوات 1959 – 1962 وأحرز في ختامها دبلوم “مهندس فلاحي” مع تخصص في مجال “المناخ الحيوي”. وقد التحق صلاح الدين العمامي بعد عودته من فرنسا سنة 1962 بالمعهد الوطني للبحوث الزراعية التونسي بمرتبة مهندس أوّل واشتغل هناك لمدّة سنتين (1962 – 1964) إلى أنّ عيّن سنة 1964 مديرا لمخبر “المناخ الحيوي”. وقد شغل في الوقت نفسه خطة الممثل التونسي في مشروع المنظمة الأمميّة للتغذية والزراعة المسمى “التخطيط المتكامل لتونس الوسطى”.

وفي سنة 1971 تمّت ترقية صلاح الدين العمامي إلى رتبة مهندس رئيس. ثم كانت تسميته سنة 1974 مديرا لمركز بحوث الهندسة الريفية. وقد شغل في الوقت نفسه وظيفة مدير مشروع “تحسين كفاية الري والتصريف” الذي اعتبر مشروعا إقليميّا رائدا أنجز بالتعاون بين مركز بحوث الهندسة الريفية واليونسكو ومنظمة التغذية والزراعة. ومازالت نتائج أبحاث هذا المشروع تعتبر مرجعا على المستوى الدولي في مجال استعمال المياه المالحة في الرّي. وقد رُقي صلاح الدين العمامي إلى رتبة مهندس عام سنة 1979 وكانت وفاته يوم الأحد 16 نوفمبر 1986 إثر مرض ألم به في السنوات الأخيرة من حياته.

نشاطه العلمي في مجال البحوث الزراعية بالمعهد الوطني للبحوث الزراعية
عرف عن صلاح الدين العمامي تخصصه في المشكلات الفلاحية للمناطق الجافة وشبه الجافة، وخاصة مجالات الاقتصاد في استعمال المياه وتحسين الكفاية لتقنيات الرّي واستعمال المياه المالحة في الزراعة. وقد دعّم خبرته العلمية بالكثير من البحوث بمحطّات ميدانية متخصّصة في تقنيات الرّي ونوعية المياه والطاقة المستعملة للضخّ والتحكم في مياه الأمطار وتحسين مشاتل الكثير من أنواع الغراسات. وقد كانت البحوث التي قام بها صلاح الدين العمامي في بداية حياته العلمية تجري في نطاق أشغال المعهد الوطني للبحوث الزراعية بتونس ثم تواصلت بعد ذلك في صلب مركز بحوث الهندسة الريفية الذي عمل على بعثه إلى الوجود. وقد شملت هذه البحوث مختلف القطاعات الفلاحية وخاصة ما كان منها متعلقا بالنطاق المتوسطي والمناطق الجافة. أمّا أهمّ المجالات التي تناولتها هذه البحوث فتتعلّق بتأثير المناخ وتحسين كفاية المغروسات والتحكم في مؤثراتها البيئية. وأبرزها على وجه الخصوص الاهتمامات التالية:

التبخّر والنتح
الاقتصاد في استعمال الماء
الزراعات المروية
المناطق الجافة وتهيئة الواحات
إدخال زراعة القطن إلى البلاد التونسية
تحسين إنتاجية الحمضيات
استعمال المياه المالحة في الري
الاقتصاد في استعمال مياه الري
التحكم في مياه السيلان السطحي
مشاركته في المشروعات واللّجان الزراعية المتخصّصة
عرف صلاح الدين العمامي بمشاركاته المتنوعة في الكثير من اللجان والمشروعات المتصلة بالزراعة والتنمية الفلاحية، في مرحلة كانت فيها البلاد أحوج ما يكون إلى الخبرة التونسية لتعويض الكفايات الأجنبية التي رحلت عند استقلال البلاد، كما كانت له أيضا مشاركات بنّاءة في مختلف اللجان الاستشارية وخاصة تلك المتعلقة بوضع مخططات التنمية. ومن أبرز مشاركاته في هذا المجال ما يلي:

إسهام في مشروع إنقاذ حمضيات الوطن القبلي
إسهام في مشروع التهيئة الزراعية لتونس الوسطى
إسهام في مشروع إنقاذ الواحات بالجنوب التونسي.
إسهام في إعداد مخططي التنمية (1972 – 1975) في مجال الفلاحة بصفة مقرر “للجنة البحث العلمي الفلاحي” والسادس (1982 – 1986) بصفة رئيس لجنة “المناطق السقوية”.
إسهام في “لجنة الاتصال لزراعة الحمضيات في المنطقة المتوسطيّة” وفي “لجنة الحمضيات للمنطقة الفرنكوفونيّة” وفي “اللجنة المغاربية للحمضيات والباكورات”.
مشاركاته العلميّة
تعددت المجالات العلميّة لصلاح الدين العمامي في نطاق البحوث الزراعية، ولكنّ مجال التهيئة المائية كان دائما في مقدّمة شواغله، وذلك من منطلقين أساسين:

متابعته لتطوّر البنية المائية بالمغرب العربي في المراحل التاريخية المختلفة وتبيّن مدى استجابتها للحاجات الاقتصادية المرتبطة بها مع انسجامها مع المعطيات المناخية والطبيعية للمنطقة.
إيمانه بضرورة ضمان الأمن الغذائي للبلاد التونسية اعتمادا على فلاحة متلائمة مع الموارد الطبيعية الأساسية من مياه وتربة وفي نطاق خطة تنموية متكاملة.
التهيئة المائية
ينبني موقف صلاح الدين العمامي في مجال التهيئة المائية على استقراء شامل لتاريخ هذه التهيئة بالبلاد التونسية وملابسات إدخال المفاهيم الحديثة للتحكم في الموارد المائية، على أساس أنّ إنشاء السدود التخزينية الكبرى الحديثة لم يرتبط بنمط تنموي يراعي تكامل التهيئة وضمان التنمية الزراعية. وفي هذا الصدد ركّز صلاح الدين العمامي عنايته على المنشآت المائية التقليدية باعتبارها موروثا حضاريا متلائما مع المعطيات الطبيعية للبلاد وظروفها المناخية. وهو يرى “أنّ من أهمّ المكاسب التي اشتهرت بها البلدان المغاربية طرق استغلال مياه السيلان في الشتاء لتكثيف الفلاحة بوساطة منشآت محلّية كالمساقي والجسور وغيرها، وكان هذا الجهاز مسخّرا خصيصا للانتاج الغذائي. لذا اشتهر المغرب بوفرة إنتاجه وخصوبة تربته وكان دائما مطمعا للغزاة حتى إنّه عرف بمطمور روما. ومن أهمّ المكاسب التكنولوجيّة تنويع المنشآت المائية المرتكزة على استغلال مياه السيلان والمياه الجوفية فنتج عن ذلك تكاثر نقط الاحياء والعمران وتعدد الابار. وبلغ التحكم في مياه العيون أوجه في الجنوب الصحراوي وسنّت نظم ومقاييس لتسيير هذه المنشآت المائية المهمّة واشتهر مهندسون كابن الشبّاط في براعة تسيير مياه الرّي وتوزيعها. وكانت هذه التهيئة تخضع لتوازن هيدرولوجي، فالظروف الطبيعية والتاريخية كيّفت البيئة الريفية حسب تنظيم فضائي متكامل العناصر. وهذه التهيئة ترتكز على الاستغلال المتكامل للمياه السطحيّة والجوفيّة. ثمّ لمّا جاءت المرحلة الاستعمارية في تاريخ المنطقة، وكان التحكم مركزيا في الموارد الطبيعية وخاصة المياه والأراضي وأصبح تسيير المنشآت المائية يخضع لرقابة إدارية وتراجع التسيير الذاتي الذي كانت تقوم به المجموعات المعنية باستغلال هذه المنشآت. وقد ورثت حكومات ما بعد الاستقلال هذه الطريقة في التسيير وزادت الكثافة السكانية في الطلب على الموارد المائية. وهو ما استوجب تنمية استغلالها بإنشاء المشروعات الكبرى وتركيز الاهتمام عليها. وقد ثبت أنّ هذه السياسة المائية باهظة التكاليف كما أنّها تضمن الاكتفاء الذاتي من الغذاء، خاصة إذا كانت منتوجاتها الفلاحية موجهة بالأساس إلى السوق الخارجية.

يلح صلاح الدين العمامي على “ضرورة إقرار التوازن الهيدرولوجي” ويرى ذلك في صورة تهيئة متكاملة للبيئة الطبيعية تقوم على منشآت مائية في المرتفعات والمنحدرات الجبلية (مدارج وجسور وطوابي ومساقي) قصد استغلال مياه السيلان لانتاج مزروعات وغراسات جبلية وكذلك لتمكين هذه المياه من التسرب إلى باطن الأرض لتغذية المائدة الجوفية المستغلة في المنطقة السفلى حيث الابار وأشغال فرش المياه في المزارع والحقول


الاستصلاح الزراعي
يقترن الاستصلاح الزراعي بالبلاد التونسية لدى صلاح الدين العمامي بضرورة توفير الأمن الغذائي، وهو يرى أن ّ هذا الاستصلاح يستوجب وضع خطة متكاملة تراعي الجوانب التالية:

إقرار التوازن الهيدرولوجي ومراجعة السياسة المائية الحالية لاحكام استغلال المياه حسب سياسة جهوية تراعي خصوصيات المنطقة.
تنظيم قطاع الانتاج الغذائي (الحبوب، الزيتون، التمور، الخضر، تربية الماشية) بضمان استثمار أفضل للموارد الطبيعية (الماء، والتربة والغابات والمراعي) وإنتاجية قصوى لمختلف القطاعات.
دعم البحث العلمي الفلاحي والتخلص من التبعية التكنولوجية وتوفير البذور والمشاتل الوطنية.
ويرى أنّ السياسة الفلاحية التي وضعت عند استقلال البلاد قد اهتمت أساسا بتوفير حاجات التجمعات السكنية والسياحية الكبرى من الماء الصالح للشراب وتكثيف الفلاحة ذات المنتوجات التصديرية. فكانت نتيجة هذه السياسة الفلاحية قطاعية (الحوامض، الباكورات، التمور) لا تعكس الحاجات الغذائية الأساسية الداخلية وبذلك “أخذت السياسة المائية اتجاها تجاريا قطاعيا يخضع لتقلبات الأسواق الخارجية ولا يضمن لا الأمن الغذائي للبلاد ولا مورد رزق قار للفلاحين…” (العمامي، 1986). أمّا مجال البحث العلمي الفلاحي فقد اتّسم بفقدان سياسة طويلة المدى وقلّة عدد الباحثين وغياب قانون تنظيمي للقطاع زيادة على اعتماد التكوين في مرحلة التخصص على المعاهد والكليات الأجنبية. هذا إضافة إلى أنّ الموروث الفلاحي من تقاليد مائية وبذور متعددة الأصناف ومتلائمة مع البيئة التونسية قد تراجع أمام استجلاب تقنيات ومشاتل مستوردة وضعت حسب تصور فوقي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى