من التيك توك إلى قاعات القرار… كيف غيّر جيل زاد وجه المغرب الحديث

جيل زاد في المغرب: القوة الرقمية التي تهزّ المجتمع وتغيّر قواعد اللعبة
تحليل خاص | متابعة موقع تونيميديا
بل أصبح في المغرب عنوانًا لتحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية غير مسبوقة.
هذا الجيل، المولود بين منتصف التسعينات وبداية العقد الثاني من الألفية،
يهزّ المشهد المغربي من جذوره، ويغيّر قواعد اللعبة في الإعلام،
الاستهلاك، والسياسة. إنه جيل لم يعد يقبل الخطاب التقليدي، ولا ينصاع بسهولة للسلطة،
بل يصنع أجندته الخاصة عبر الفضاء الرقمي.
من هم أبناء جيل زاد في المغرب؟
يُعرف جيل زاد عالميًا بأنه أول جيل رقمي بالكامل، لكن في المغرب له خصوصية فريدة.
نشأ هذا الجيل في بيئة اتسمت بسرعة التحول التكنولوجي،
وواجه تحديات اقتصادية واجتماعية جعلته أكثر وعيًا وأكثر جرأة في التعبير عن رأيه.
يعتمد بشكل كامل على الإنترنت، ويعتبر تيك توك
ومنصة إكس و
إنستغرام منصات رئيسية للتواصل والتأثير.
على عكس الأجيال السابقة، لا يرى جيل زاد في الإعلام الرسمي مصدرًا موثوقًا للمعلومة،
بل يعتمد على المحتوى الرقمي المستقل والمدونين والمؤثرين لتشكيل وعيه وفهمه للأحداث.
ثقافة رقمية تصنع رأيًا عامًا سريع التأثير
يمتلك جيل زاد المغربي قدرة استثنائية على خلق موجات ضغط رقمية.
حملات المقاطعة الاقتصادية التي هزت المغرب سنة 2018 مثال حي على ذلك،
حيث أجبر الشباب شركات كبرى على مراجعة أسعارها وسياساتها التسويقية
بعد انتشار دعوات المقاطعة على منصات التواصل الاجتماعي.
هذه القدرة على التأثير دفعت حتى كبريات الشركات العالمية
إلى دراسة سلوك المستهلك المغربي الشاب بعناية،
وأصبحت الحملات الإعلانية التقليدية أقل فاعلية مقارنة بالاعتماد على المؤثرين
وصانعي المحتوى الرقمي.
تقارير مثل We Are Social
تشير إلى أن أكثر من 70% من شباب المغرب بين 16 و24 سنة متصلون بالإنترنت يوميًا،
ما يجعل هذا الجيل قوة رقمية ضخمة.
جيل زاد والسياسة: زمن الخطاب التقليدي انتهى
لا يكتفي جيل زاد بالاستهلاك أو الترفيه،
بل يستخدم شبكات التواصل لإثارة قضايا حساسة مثل الحريات الفردية،
العدالة الاجتماعية، وحقوق المرأة.
أصبح هذا الجيل يفرض نفسه على الأجندة العامة
ويجبر وسائل الإعلام التقليدية والسياسيين على التعامل مع المواضيع
التي يتداولها عبر الهاشتاغات والترندات.
أي قضية محلية يمكن أن تتحول بسرعة إلى نقاش وطني
بمجرد أن يبدأ شباب جيل زاد في نشرها والتفاعل معها،
ما يجعل السياسيين تحت ضغط مستمر للتجاوب مع الرأي العام الرقمي.
تأثير اقتصادي مباشر على السوق والشركات
لا يقتصر تأثير جيل زاد على الرأي العام، بل يمتد ليغير السوق المغربية.
هذا الجيل لا يثق بالإعلانات التقليدية،
ويعتمد في قرارات الشراء على تجارب المستخدمين وآراء المؤثرين.
أي حملة مقاطعة رقمية يمكن أن تخفض مبيعات علامة تجارية بشكل غير مسبوق.
الشركات التي لا تفهم لغة هذا الجيل وتطلعاته تخاطر بخسارة قاعدة استهلاكية ضخمة.
لذلك، أصبح الاستثمار في المحتوى الرقمي الإبداعي والتسويق عبر المؤثرين
أمرًا ضروريًا وليس خيارًا.
جيل زاد والإعلام البديل
مع تراجع ثقة الشباب في القنوات التلفزية والصحف،
اتجهوا إلى الإعلام البديل والمدونات والبودكاست وصفحات الأخبار المستقلة.
هذه المنصات أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومة،
وأحيانًا تتفوق على وسائل الإعلام الرسمية في التأثير والانتشار.
هذا التحول يفرض على المؤسسات الإعلامية التقليدية إعادة التفكير
في أسلوب تقديم الأخبار وطريقة التفاعل مع الجمهور الجديد.
يمكنك قراءة تحليلنا حول
الإعلام الرقمي وتأثيره في المجتمعات العربية لمعرفة كيف غيّر الإنترنت المشهد الإعلامي.
التحديات أمام صانعي القرار في المغرب
أكبر تحدٍ يواجه صانعي السياسات والشركات اليوم هو كيفية التواصل مع هذا الجيل.
جيل زاد لا ينجذب للخطاب الرسمي التقليدي ولا يقبل التلاعب العاطفي أو الوعود الفارغة.
يريد لغة صادقة، شفافة، وسريعة، ويطالب بقرارات ملموسة.
تجاهل هذه القوة قد يؤدي إلى فقدان التأثير في الشارع المغربي الرقمي،
وهو ما يشكل مخاطرة حقيقية لأي مؤسسة أو جهة سياسية.



