من الاستاذ الى التلميذ / رسالة من الصادق شعبان إلى قيس سعيّد “قبل حدوث الكارثة”..
توجه أستاذ القانون والوزير الأسبق الصادق شعبان برسالة خطيرة الى رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي درسه طالبا، جاءت كالتالي:
“سيدي رئيس الجمهورية
اخي و صديقي قيس سعيد
كتبت إليك كلمات سابقة و هذه كلمات أخرى …
حبي لوطني يفرض علي الكلام من أي موقع …
حبي لوطني يدفعني لمساعدة كل مسؤول أي مسؤول كان من أي اتجاه كان …
المساعدة هي لهذا الوطن الذي أعطاني الكثير و لم أعطه ما يكفي …
انت المسؤول الاول سيدي الرئيس…
في عنقك الامانات الكبرى : السير السليم للمؤسسات ، استمرار الدولة ، وحدة الوطن و سلامة التراب …
هذه الآن مهددة ، هل تعلم ؟
هل ننتظر حتى حصول الكارثة ؟
هذا غير معقول و غير مقبول …
كل دساتير العالم منذ التاريخ القديم … كل الأنظمة برلمانية كانت أم رئاسية … كلها تعطي لرئيس الدولة أمانة اولى : ضمان بقاء الدولة و تأمين سلامة الناس …
ليست مسألة صلاحيات… انها مسألة بقاء …
و رئيس الدولة عند الأزمات الخطيرة الصلاحية الأعلى التي تعلو كل الصلاحيات …
الأوضاع الاقتصادية تتردى… الانتفاضة الاجتماعية على الأبواب… لن تقدر المؤسسات أن تطوق الأزمات و لا أن تحول دون الانفلات…
السبب سيدي الرئيس ليس في التفاصيل… السبب هيكلي ، يمس المنظومة السياسية ككل …
المكنة السياسية معطلة … المشهد متعفن … الكل يجذب في كل الاتجاهات …
و الأجنبي حولنا و بيننا وفينا يتحكم في الخيوط …
إصلاح المكنة ضروري … و العطب معروف …
ما ينتظرنا هو الإقدام… الشجاعة… الجرأة…
هذه هي مبادرة الشجعان…
إقدام شخص آخر يسمى إنقلابا … إقدامك انت كرئيس دولة يسمى إنقاذا…
انت المسؤول … دستوريا انت المسؤول … تاريخيا انت المسؤول … لو قدر الله تنفلت الأمور يحتسب الانفلات عليك …
رأيي قلته ألف مرة … لم اتردد في إعادته عديد المرات … و ها انا أعيده اليوم …
إذهب الى الشعب … لا تتقيد بتفاصيل الدستور … لان الدستور خاطئ ، إذا سلب الشعب السلطته الاصيلة التي لا تسلب : تقريب مصيره …
أليس هو مصدر السلطات ! … و إذا الشعب قال كلمته ، من له الحق في أن يقول عن كلمة الشعب انها لم تكن دستورية !
اذا البيت يحترق ، لا تبحثوا عن المفتاح لدخوله …
سيدي الرئيس
نظم الاستفتاء في اقرب وقت … غيّر النظام الدستوري ….وحّد السلطة التنفيذية
… إجعل الحكومة من اختيار الرئيس
… عمم نظام الأغلبية على دورتين في الانتخابات …
دون هذا ، لن تتعافى الدولة و لن يسترجع الاقتصاد أنفاسه … لن يعود الاستقرار و لن يرى المواطن الرفاه …
ادعوا للكف عن الشعبوات… و العشوائيات… و الفلكلوريات … نحن دولة عمرها سبعون سنة … كانت قدوة في العالم الصاعد …
الشعبويات و ما لف لفها لا تزيل الفقر … لا تعيد الأمن و لا تفتح الآفاق الحقيقية
سيدي الرئيس
مجلس الأمن وضع لهذا، فنحن في حالة خطيرة …
إجمع هذا المجلس … وسع في التركيبة …أعد له إعدادا سلميا … استمع الى كبار الشخصيات… استمع الى الاحزاب و المنظمات … و سر على الدرب …
عدل الدستور و النظام الانتخابي… و اجري انتخابات سابقة لأوانها… رغم أن سنة واحدة فقط مرت عن الانتخابات ، أصبح البون شاسعا بين الناخبين و المنتخبين … و سوف يتعمق بسرعة …
هذا رأيي اقوله بصراحة …
اقوله من منطلق الحب لهذا الوطن ، و من منطلق الرفق بهذا الشعب الكادح … شعب ممتاز يستحق قيادة ممتازة … عندها يصنع المعجزات …
تلاعبنا كثيرا بالمشاعر… تاخرنا كثيرا لما بقي الآخرون يتقدمون …
الديمقراطية التي لا تنتج النمو و لا تؤمن السلام هي ديمقراطية زائفة…
و اعلموا أن في آخر المطاف يلقى كل الناس مصلحتهم في الاطار التنظيمي الجديد …
الصادق شعبان
24 نوفمبر 2020″