كان لماكرون موعد مع العالم الإسلامي عبر الفضائية العالمية الجزيرة. من استدعى من ؟ لا يهمّ، ولكن ظهور ايمانويل ماكرون في مثل هذه الظروف السياسة والاجتماعية في فرنسا تشير حتما الى محاولة البحث عن سبيل عقلاني لخفض منسوب المقاطعة والعنف. ماكرون وقد وجد ضالته في هذه القناة “المشبوهة” عند عدد من أنظمة العالم العربي.
ماذا قال وما لم يقل ؟ لا يهمّ أيضا فالغاية تكتيكية وهي استجابة مبطنة للضغط العربي والإسلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتظاهرات في شتى بلدان العالم ردا على ما قيل في حق رسول العالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. لقد اختار ماكرون أن يكتفي بظهوره على قناة عربية أداة اعلام الاخوان كما يروج لها ويحاوره الإعلامي المغاربي الدراجي فلا توفيق مجيّد ولا غيره ولا والو.
هل اعتذر أم لم يعتذر؟ ليس هذا السؤال المهم خطاب الانتقال من الشدة والوعيد الى التفهم والربت على الكتف والفصل بين الدين الإسلامي و الاسلاموي الذي اخترعوه هم انفسهم دليل واضح على استفحال الأزمة وردّ على الفرنكفونيين (زعمة زعمة) الذين استهزئوا من المقاطعة بعد أن اعتبروها صبيانية و اشمئزوا من تغيير البروفايل بإضافة (الا رسول الله).
لم تكن فرانس24 الناطقة بالعربية أو قناة البي بي سي العربية فهي اكثر مصداقية ولم تكن قناة العربية التي روى الناس عن واسع انتشارها أو السكاي العربية. أتقنت الجزيرة اللعبة وصارت بعبقريتها لسان حال الشارع العربي والإسلامي حيث فشلت قنوات تلفزية وطنية وإقليمية في ذلك.
أما محتوى الحديث فهو لعب بالألفاظ سواء ترجمت أم لم تترجم وهو تبني لموقف اللاموقف حيث يقف المتحدث في الوسط ويهب للعودة الى المربع الأول. لقد نصص ماكرون بحيلة وخبث في حديثه على مصطلحي “الزعماء” و “حرية التعبير” وليدة القرن التاسع عشر وهذا افتراء كبير على السامعين. أما المصطلح الأول فاستعمله إشارة الى الرسول الكريم ومساواته بزعماء سياسيين عالميين وهذا لا نقبله البتة فمحمد بن عبد الله رحمة مهداة الى كافة العالمين وهو خاتم الأنبياء يتبع نبراس رسالته أكثر من ملياري نسمة وهذا تفرد له صلوات الله وسلامه عليه. وأما حرية التعبير ووقوفها على نفس المسافة من بقية الأديان فدليل كذبه جريمة ترتكب تحت طائل “ضد السامية”. نحن العرب ساميون ولكن لا نتمتع بمثل هذا القانون المتطرف الذي يضرب الحرية والمساواة والاخاء في مقتل.
أبو مـــازن – باب نات