كيف فكّ القضاء خيوط واحدة من أعقد قضايا الفساد؟

عقوبات بالسجن وخطايا مالية

وشملت الأحكام الصادرة إدانة المتهم الرئيسي بالسجن لمدد تراكمية، فضلاً عن تسليط خطايا مالية معتبرة، في إطار قضايا تتعلق بخرق التراتيب الديوانية وقوانين الصرف المعمول بها.

كما طالت الأحكام أفراداً من عائلته، حيث تقرر سجن أحد أقاربه لمدة خمس سنوات مع خطايا مالية، في حين حُكم على قريبة أخرى بالسجن ثلاث سنوات، مع إلزامها بدفع خطايا مالية إضافية، وذلك على خلفية ارتباط أسمائهم بعمليات مالية محل تتبع.

تفاصيل التحقيقات وشبهات التحايل

وتأتي هذه الأحكام بعد سلسلة من التحقيقات التي باشرتها النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، والتي أفضت إلى إحالة المتهمين على أنظار القضاء، إثر الاشتباه في:

• إنشاء مكاسب وأصول مالية خارج البلاد دون تراخيص قانونية.
• محاولة تحويل أموال إلى الخارج بطرق مخالفة لقوانين الصرف.
• إدماج أموال يُشتبه في كونها مجهولة المصدر داخل أنشطة تجارية.

وأفادت حيثيات الملف بأن الشبكة المالية المعنية استخدمت أسماء بعض أفراد العائلة في عمليات تحويل أموال وإنشاء أصول، في تجاوز واضح للإجراءات القانونية المعتمدة.

وثائق رسمية وشهادات داعمة

واعتمدت المحكمة في إصدار أحكامها على حزمة من الأدلة، شملت وثائق رسمية، وتقارير رقابية وديوانية، إضافة إلى شهادات وشروح فنية وتقارير بنكية، من بينها معطيات صادرة عن مؤسسات مالية عمومية.

وأكدت هذه العناصر وجود مسارات مالية معقدة وشبهات تحايل ممنهجة، ما عزز القناعة القضائية بثبوت المخالفات المنسوبة إلى المتهمين.

ملف قضائي آخر في الانتظار

وفي موازاة هذا الملف، ما تزال قضية أخرى محل متابعة قضائية، وتتعلق بملف مالي واسع النطاق يضم 31 متهماً بين موظفين ومسؤولين وقضاة ومحامين.

وقد تقرر تأجيل النظر في هذه القضية إلى شهر جانفي 2026، حيث يُنتظر أن تُستكمل المرافعات ويُبتّ في الأحكام الخاصة ببقية المتهمين، وسط متابعة واسعة من الرأي العام.

تحليل تونيميديا

تعكس هذه الأحكام توجهاً قضائياً واضحاً نحو التشدد في ملفات الفساد المالي والجرائم الاقتصادية، خاصة تلك المرتبطة بقوانين الصرف وتحويل الأموال إلى الخارج. كما تؤكد القضايا المتداخلة أن المعالجة القضائية لمثل هذه الملفات أصبحت أكثر عمقاً، مع الاعتماد على التقارير الفنية والرقابية لتعقّب المسارات المالية المعقدة.