كيف حطم رونالدو خطط بيريز وريال مدريد؟
هناك مقولة مأثورة في عالم كرة القدم تقول: “ليس هناك لاعب أو شخص أكبر من النادي”، وهي تنطبق في كل البلدان ومع كل الأندية، لكن الغريب أنه عندما طبق أكبر أندية العالم، ريال مدريد، هذا المثل، وسمح لاسطورته كريستيانو رونالدو في الرحيل، انهار موسمه، ومعه مداخيله التجارية، وأعداد مشجعيه حول العالم.
لم يعد لريال مدريد أي أهمية هذا الموسم، فعندما تغيب عن المنافسة على الالقاب تصبح نكرة في عالم التواصل التكنولوجي الحديث، فالمنافسة على لقب الدوري الاسباني معدومة، ووجوده المعتاد في أكبر مسابقة أندية في العالم، دوري أبطال أوروبا، في الادوار الحاسمة، أيضا معدوم بخروجه من دور الـ16، وأيضا خرج مبكرا من كأس اسبانيا، فعندما أدرك الرئيس فلورنتينو بيريز هذه الحقيقة، مع مرارة رؤية أعداد المشجعين تتهاوى، ان كان على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في مدرجات استاد “سانتياغو بيرنابيو”، كان يجب ان ينقذ الموسم بأي شكل وأي طريقة، حتى ان كان باعادة تعيين المثير للجدل جوزيه مورينيو، لكن أفضل من يكبح هذا الانهيار هو “زيزو”.
ربما لم يتخيل بيريز أن قرار الموافقة على رحيل لاعب سيبلغ الرابعة والثلاثين من عمره في مقابل 100 مليون يورو أن يكون له أي تأثير سوى انه صفقة رائعة وبمبلغ هائل للاعب في نهاية عمره الكروي الافتراضي، لكن عدا عن الاخفاق الكروي والعقم التهديفي الذي حل بالفريق، رأى بيريز تراجعا هائلا في أعداد الحضور في ملعب “سانتياغو بيرنابيو”، الذي من المفترض انه أقلع عن أسلوبه المعتاد بضم الـ”غالاكتيكوس” ليدخر المال لتحسين وتطوير هذا الاستاد، لكن حضور اقل من 55 ألفا في الكثير من المباريات، مشهد غير مألوف منذ 1994، بل ان من 16 مباراة لعبها على أرضه هذا الموسم في مختلف المسابقات تخطت 9 مباريات فقط حاجز الـ60 ألف متفرج، بالمقارنة مع مباراة واحدة فقط جذبت أقل من 60 الفا خلال الموسم الماضي، وكانت في الكأس أمام المغمور فوينلابرادا.
ليست صدفة أن يأتي هذا الانحدار بعد بيع النجم الاول رونالدو، فخلال أسابيع الصيف كنت أتفاجأ كلما التقي بصغار السن ومن هم دون العاشرة من العمر، وأسألهم من تشجع؟ تأتي الاجابة تلقائية وسريعة: يوفنتوس! ومن كنت تشجع الموسم الماضي؟ الاجابة: ريال مدريد! هذه الاجابة لخصت ما حدث في موسم الريال، بل كشفت سبب عزوف الجماهير منذ المباراة الاولى في الموسم امام خيتافي التي حضرها 48466 متفرجاً، وهو العدد الاقل في هذا الاستاد منذ مايو 2009، وهي المباراة الاخيرة للفريق في ملعبه قبل ضم رونالدو في الموسم التالي، وكأن النجم البرتغالي أخذ معه جماهيره مثلما جلبهم في المقام الأول.
في المقابل، كان يوفنتوس لا يصدق الأرقام المهولة هذا الموسم، ففي الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، زادت شعبيته 70% مقارنة بالموسم السابق، وانتقل 8 آلاف مشجع من الريال الى اليوفي في حسابات تأثير الاندية العالمية بحسب السوق الصينية، وفي الاسبوع الاول من انتقال رونالدو ارتفع حساب اليوفي على مواقع التواصل الصينية مثل”ويبو” الشبيه بـ”تويتر” و”ويتشات” و”دوين” أو “تيكتاك” 308 آلاف متابع جديد، وبحسب النادي الايطالي فانها زيادة بلغت 68.5%، وهي السوق المعروف عنها باتباعها نجوما بدل أندية. ورغم ذلك يظل الريال النادي الاكثر شعبية في الصين، لكن أرقام متابعيه ما زالت في تراجع وليس العكس.
هذه الارقام تصب في الحسابات التجارية، لكن الأرقام الأخرى المتعلقة برونالدو داخل الملعب، لا تقل روعة، فهو حتى الآن سجل 25 هدفاً في 37 مباراة في كل المسابقات مع ناديه الجديد يوفنتوس، بينها، ثلاثية أنقذ بها اليوفي من الخروج من دوري الأبطال، الذي جاء خصيصاً الى تورينو من أجل جلب كأسها الى السيدة العجوز، وحتى ان لم يفعل هذا الموسم، فان قلة ستعتبر صفقة انتقاله فاشلة بالنسبة لليوفي، لان الارقام دائما تشير الى ان كريستيانو “ماركة” من جودة عالية تجارياً وكروياً، وهذا استدركه بيريز متأخراً.
القدس العربي