قفصة : إستمرار توقّف إنتاج ووسق الفسفاط في الرديف.. الاسباب
يستمرّ بمعتمدية الرديف من ولاية قفصة توقّف إنتاج الفسفاط التجاري ووسقه نحو مُصنّعي الأسمدة الكيميائية بسبب إعتصامات عدد من طالبي الشغل, وذلك في ظلّ مساعي وإهتمام من أعلى هرم السلطة في البلاد, من أجل وضع حدّ لهذا الوضع, كان آخرها زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى المنطقة يوم 13 جوان الجاري.
وتعتصم بوحدة إنتاج الفسفاط التجاري بمدينة الرديف منذ شهر نوفمبر من سنة 2020، مجموعة من طالبي الشغل، للمطالبة بفرص عمل و بتطبيق ما يُسمّونه ب “إتفاقيات ومحاضر جلسات مع السلطات في سنوات سابقة”، تهمّ تشغيلهم بشركة فسفاط قفصة أو بإحدى المؤسسات المتفرعة عنها وهي شركات البيئة وشركة نقل المواد المنجمية.
ويقول أعوان يعملون بوزّانة الفسفاط وبالمغسلة بالرديف التابعتين لشركة فسفاط قفصة, أنّهم لم يلتحقوا منذ 32 شهرا، وإلى الآن بمواقع عملهم، وهو ما يعني أن وحدة إنتاج الفسفاط التجاري لم تنتج طيلة هذه الفترة ولو طُنّا واحدا من الفسفاط, مقابل إنتاج ما لا يقلّ عن 400 ألف طنّ في السنوات التي سبقت 2020، وواحد مليون طن كمعدّل سنوي للإنتاج في سنوات ما قبل 2011.
كما تتوفّر الرديف حاليا على مخزون هامّ من الفسفاط التجاري لا يقلّ عن 1 فاصل 5 مليون طنّ، جاهز للوسق نحو مُصنّعي الأسمدة الكيميائية، إلاّ أن إعتصامات طالبي الشغل، تحول دون نقله سواء عبر الشاحنات او عبر خط السكّ الحديدية.
وكان ملفّ إنتاج الفسفاط عموما، و توقّف إنتاج الفسفاط ووسقه بالرديف على وجه الخصوص، محلّ إهتمام رئاسي، من خلال الزيارة التي اداها رئيس الدولة إلى المنطقة حيث أكّد على إن تونس اليوم في حاجة إلى الفسفاط وإلى كل ثرواتها الوطنية لمواجهة التحدّيات الإقتصادية والإجتماعية المطروحة، وعلى أنّه من الضروري أن يسترجع قطاع الفسفاط اليوم نسق إنتاجه العادي.
وسبق هذه الزيارة إنعقاد مجلس للأمن القومي في شهر أفريل الماضي, بإشراف رئيس الجمهورية, خُصّص لملفّ إنتاج الفسفاط, بالإضافة إلى مجلسين وزاريين بإشراف رئيسة الحكومة في شهر مارس من هذه السنة, خُصّصا كذلك لقطاع الفسفاط, في دلالة على أن تونس تُعوّل كثيرا على إنعاش قطاعي الفسفاط والأسمدة وتقوية طاقتهما الإنتاجية والتصديرية, بما يساعد على تعافي الإقتصاد الوطني ويُجنّب البلاد الإقتراض من المؤسسات المالية الأجنبية بالإعتماد على ثرواتها ومنها الفسفاط, لاسيما على ضوء إنتعاش السوق الدولية للفسفاط والأسمدة وتنامي الطلب على الفسفاط ومشتقّاته.
وبعد مرور حوالي الأسبوعين على زيارة رئيس الجمهورية إلى موقع إعتصام طالبي الشغل بمغسلة الفسفاط بالرديف, ودعوته إيّاهم إلى ضرورة عودة إنتاج الفسفاط ووسقه, وإلى ضرورة وضع حدّ للإحتجاجات التي تُعطّل نشاط قطاع الفسفاط و”التوجّه نحو بعث مشاريع تخلق الثروة”, فإن الوضع يتواصل على حاله منذ أواخر سنة 2020, في وقت يقول فيه والي قفصة نادر حمدوني على “أن باب الحوار يبقى مفتوحا مع المعتصمين”, ويُصرّ فيه هؤلاء على “حقهم المشروع في التشغيل الفوري ” ومواصلة إعتصامهم إلى حين تلبية مطالبهم, مثلما أكد ذلك عدد منهم. وبإستثناء إقليم الرديف، فإنّ اقاليم شركة فسفاط قفصة ببقيّة المعتمديات المنجمية وهي بالمتلوي والمظيلة وأم العرائس، تعمل منذ بداية هذه السنة بشكل طبيعي، وتسود بهذه المعتمديات منذ فترة حالة من الاستقرار الإجتماعي وتلاشت الحركات الإحتجاجية لطالبي الشغل بمنشآت هذه الشركة.
وتعاني شركة فسفاط قفصة وهي المؤسسة المُختصّة في إستخراج وإنتاج الفسفاط بالحوض المنجمي, منذ 2011 من تراجع لافت في حجم إنتاج الفسفاط التجاري جرّاء الاضطرابات الاجتماعية وإحتجاجات طالبي الشغل , حيث لم يتجاوز معدّل إنتاجها السّنوي من الفسفاط التجاري خلال الفترة الممتدّة من 2011 إلى 2022 نحو 3 فاصل 5 مليون طنّ مقابل إنتاج 8 مليون طنّ في سنة 2010 لوحدها.