عندما تنتصر الحياة: جزائري يصاب بفيروس كورونا في قابس ويغادرها سليما
عندما تنتصر الحياة: جزائري يصاب بفيروس كورونا في قابس ويغادرها سليما
لا تدري نفس بأي ارض تموت” …ولا يدري سليم معافى بأي أرض يصيبه المرض فيشفى او يرحل مع جحافل الراحلين … على هذا النحو رسمت الأقدار معالمها هازئة بالإنسان وهو يتردٌد بين الوجود والعدم لا سلاح يملكه إلا الصبر والعناد…
في “قابس” حيث ينام البحر الأبيض المتوسط يرقب عن بعد بقايا سلسلة جبال قصيٌة تطلٌ على حبٌاب رمل تفتح باب الصحراء، شاءت الأقدار بأن يكون من بين المصابين بفيروس كورونا المستجدٌ جزائري يبلغ من العمر سبعا وخمسين سنة هو بين كهولة تستنفذ آخر رمقها وشيخوخة تنبئ بالمفاجآت الصحٌية، جاء “قابس”، منطقة العبور الدائم، زائرا على عجل قادما إليها من جزيرة جربة التي عشق رملها وبحرها وشمسها واتٌخذها ملاذا و وجهة محبٌبة كلما اشرقت شمس فصل الربيع.
فجأة وهو يستعدٌ للعودة إلى وطنه، شعر بارتفاع في درجة حرارته فتوجٌه مباشرة الى المستشفى الجهوي بقابس…هناك وبحدس طبٌي فرضته الظروف الطارئة ، وقع التعاطي مع حالته بما يستوجبه الوضع المستجدٌ حيث وُضِع تحت الرعاية الطبيٌة في انتظار نتائج التحاليل التي اكدت إصابته بفيروس كورونا …أيٌام قضٌاها في البداية مندهشا من حجزه لكنٌه ادرك بسرعة ان الوضع يستوجب الرعاية الطبية الصارمة، وانه بين اياد رحيمة ما امتدٌت إلا لتنتشله من منطقة الخطر…
الطبيبة المباشرة لا ترى فيما قامت به أي فضل وتعتبره واجبا تعودت ان تؤديه يوميا منذ ان تجنٌدت لمقاومة هذه الجائحة حتٌى انها لم تهتم بهويٌة المريض فهي تعتبر وضعيته حالة من بين حالات اخرى تتطلب التدخٌل العاجل تاركة لغيرها من هواة التأويل وتجميل الكلام فرصة التعليق على ما جرى.
مضت أيام الحجر الإجباري بالمستشفى ثقيلة على المريض البعيد عن ارضه واهله لا يرى إلا ميدعات بيضاء وزرقاء تتراقص امام عينيه… جاء التحليل الأول سلبيا ما يعني تجاوب جسد المريض مع الدواء…ولم يبق إلا التحليل الثاني ليتأكد الاطباء بأن المرض أصبح ماضيا…بالأمس وصل التحليل الذي قضى على الشكٌ ومنح المريض شهادة ميلاد من بين أنقاض الخوف والترقٌب…فرحة المريض كانت كبيرة وقد اكتشف اهلا في غير اهله… وحدها الطبيبة وهي تسوٌي غطاء رأسها البلاستيكي رسمت زاوية أخرى للحكاية.. قرات ملخٌص التحليل بانتباه …ثمٌ وضعته جانبا وذهبت إلى عملها تراقب بقية المرضى وهي تخفي شعورا بالرضا عن النفس وسعادة بأداء الواجب
لم تبحث عن كاميرا متوثبة لتلوك معجون الكلام المحنط…ولم تدر ..ربما لم تجد الوقت لتدري…بانها أقامت جسرا بين وطنين كلٌما اراد له الزمان زوالا امتدت أياد لتقيمه عنوان حياة تنبعث من براثن الموت.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.