صندوق الزكاة .. وحزب النهضة
بقلم الشيخ البشير بن حسن
منذ ظهور هذا المشروع وإنشاءه في بلدية الكرم بتونس ، والأقاويل تتهافت عن أنه مشروع نهضوي ، يهدف إلى الاستيلاء على أموال الشعب التونسي باسم الدين ، و تحت مسمى ” الزكاة “، بل وتعتبره طائفة أخرى اعتداء على مدنية الدولة !! في الوقت الذي تنظم فيه “دولتهم المدنية” شؤون المساجد والإمامة والحج والعمرة ، وتعلن عن طريق مفتيها الرسمي عن ظهور هلال رمضان وشوال ، فلم يبق لهم إلا الزكاة التي يرفضون تنظيمها بشكل قانوني وشرعي ! فلا أدري أي خطر تشكله الزكاة على ” تمدنهم” ؟!
وأود أن أعلنها صراحة ههنا ، وبلا مجاملة لأي إنسان..
إن الزكاة فريضة الله رب العالمين ، وركن ركين من الدين ، لا يجحد وجوبها إلا مارق ، ولا يجهل مكانتها إلا مغيب عن الإسلام وأحكامه القطعية.
فلا علاقة بين النهضة وفرائض الاسلام وشعائره ، أقول ذلك لأن كل شيء له علاقة بالدين الان في تونس يربطونه بحزب النهضة ؟!! في تعمّد مقصود طبعا !
ثم إن إنشاء صندوق الزكاة لا يجوز الاعتراض عليه من حيث المبدأ والأصل والمضمون، لأن ذلك من الاعتراض على شعيرة من شعائر الإسلام ! فكونك تتفق مع النهضة أو تختلف معها هذا شأنك! وأنت حر فيه ، أما الاعتراض على صندوق الزكاة فهذا خطير جدا ، لأن المسألة انتقلت من دائرة الشخصنة والعراك السياسي الى الصد عن سبيل الله عز وجل !
كما لا يفوتني أن صندوق الزكاة نسانده مهما كان مُنشؤه ومُؤسسه ، نهضويا أم غيره ، ولا يهمني الأشخاص ولا الأحزاب ، الذي يهمني هو هذا الركن الذي يتهاون الناس به ، بل يجهله بعضهم ، ويساء أداؤه أيضا في عشوائية مرفوضة ! ثم إن حزب النهضة سواء كان اليوم في الحكم أو رحل أو اندثر، لأن الإسلام بشعائره أبقى من الناس جميعا !!
وصندوق الزكاة يجب إبقاؤه ، وهو من مسؤولية الدولة طبعا ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم تولى جمعها ، ابتداء من العام التاسع للهجرة ، ليتوالى حكام المسلمين منذ ذلك الوقت على جمعها وتوزيعها على مستحقيها ، وهذا ما هو معمول به في كل دول العالم الإسلامي ، فلماذا تبقى تونس استثناء في هذا الشأن؟ أليس دولة عربية ودينها الإسلام كما هو منصوص عليه في الدستور؟
كما أن إنشاء صندوق زكاة سيبعث على بروز وظهور هذه الشعيرة العظيمة، ليتذكرها من نسيها أو تناساها ، وهو كشأن الآذان للصلوات الخمس ، والناس كما هو معلوم يحتاجون إلى حفز وتذكير ، كما قال تعالى: ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) الذاريات 55 ، كما أنهم أيضا مجبولون على تقليد بعضهم بعضا في الخير أو في الشر ، وصندوق الزكاة سيكون سببا في إحياء هذه الشعيرة بإذن الله.
مع العلم أيضا أن الفائدة ستعم كافة أفراد المجتمع ، أما الأغنياء فبما سيحصل لهم من بركة ونماء في أموالهم بوعد الله تعالى ( وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن شَىْءٍۢ فَهُوَ يُخْلِفُهُۥ ۖ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّٰزِقِينَ) سورة سبأ 39، وأما الفقراء فبسد حاجاتهم ، كما أنها فريضة تحقق التضامن الاجتماعي ، وتعطف قلوب الأغنياء على الفقراء ، وتزداد بها المودة بين أبناء البلد الواحد ، وما أحوجنا اليوم الى ذلك !
فافصلوا بارك الله فيكم بين الزكاة وحزب النهضة أو غيرها من الأحزاب إذ لا علاقة بينهما.