سمير الوافي: بعد سنوات من الصمت قررت كشف هوية الشخص الذي تسبب في دخولي السجن.. وهذا ما وجدته في هاتفي

عام 2017 تم تحذيري من بث حلقة شفيق الجراية ربي يفرج عليه ( حلقة البرشني الشهيرة )…وبعد بثها تم إيقافه ثم إيقافي أنا بعد ذلك بشهر…وأعرف تفاصيل القرار وخطة الإيقاف وما دار في مجلس وزاري مُضيّق حول الحلقة…وقد أكتب ذلك يوما ما في كتاب أروي فيه كواليس تجربتي المتواضعة التي شوهت حقيقتها ماكينة الانتقام و التشويه والترذيل !!!
وقبل دخول السجن كنت أقدّم أحد أشهر وأقوى البرامج في تونس ” لمن يجرؤ فقط ” على قناة الحوار التونسي…كان هاتفي لا يصمت ولا يهدأ والجميع يتمنى لحظة وفرصة في برنامجي…وكان حفل زواجي مزدحما بأكبر السياسيين الذين جاء الكثير منهم بلا دعوة إما تملقا أو تقربا أو توددا…!!!
عندما تم إيقافي فجأة…ضاقت دائرة علاقاتي وصفاهم غربال المحنة حتى لم يبق إلى جانبي سوى عائلتي وبعض الأصدقاء…تفرق الزحام من حولي وغادرني المتملقون وتجنبني المنافقون…ووجدت نفسي وحيدا في مواجهة آلة إنتقامية جبارة…وكان القرار هو دفني في السجن…ولولا رضاء الوالدين لنجحت الخطة…وتذكرت الجملة التي كان يرددها أبي رحمه الله في أذني دائما…كلما خاف علي من الغرور…وهي ” من إعتز بغير الله ذلّ “…!!!
دخلت السجن ووجدت نفسي بلا سند حزبي…ولا جهوي…ولا مالي…ولا سياسي…ولا نقابي…لأنني كنت حرا…وكانت الحرية ديني…و لم أكن منتميا لأي لوبي حزبي أو سياسي أو حكومي أو مالي أو نقابي…وعدت كما أنا…إبن تلك القرية البسيطة في ربوع زغوان…من ناس بسطاء وعائلة بسيطة يكفي أنها محترمة…ثروتها القيم والأصل الطيب…ولا تملك لمساندتي سوى الدعاء !!!
دخلت السجن وتحول المنافقون إلى شامتين…ولم أجد إلى جانب سوى عائلتي ومحامي في مقام أخي هو حاتم الزواري وبعض الأصدقاء الحقيقيين…وحتى الذين إزدحم بهم حفل زواجي إختفوا أو شاركوا في حفل الشماتة…وتعلمت من ذلك أنه ” إضحك يضحك العالم معك إبك تبكي وحدك ” !!!
لقد تعلمت دروسا كثيرة من تلك التجارب…أهمها وأولها أن السياسة ليست لمن نقطة ضعفه دموع أمه…وأن من لا ينتمي إلى لوبي سياسي أو مالي أو جهوي أو نقابي أو إيديولوجي أو خارجي…لن يجد له متباكين ولا متعاطفين ولا مساندين ولا متضامنين…وأنه لا أحد يستحق التضحية بنفسك من أجله هنا…إلا أمك أو حبيبتك أو عائلتك الصغيرة أو بعض أحبابك الحقيقيين…وأن الحصن الأخير بعد أن يتنكر لك ويلفظك كل العالم…هو رضاء الوالدين !!!
رجاء لا تعطوننا دروسا فنحن نعرف ولاءاتكم الخفية…ونعرف ” سعر ” النضال…ونعرف ثمنكم بالضبط…في سوق السفارات…ومتاجر اللوبيات…ومزاد الحكومات…التاريخ لا ولن يرحم !!!

Exit mobile version