من تيك توك إلى الجدل العام: قصة إشاعة حظر الملوخية التي أربكت التونسيين
حقيقة إشاعة “منع الملوخية في فرنسا” بداية من جانفي 2026: فيديو ساخر يتحول إلى خبر كاذب
ضجّت منصّات التواصل خلال الأيام الأخيرة بفيديو على تيك توك يدّعي أنّ فرنسا ستمنع الملوخية بداية من جانفي 2026، مع الزعم بفرض غرامات تصل إلى 1500 يورو وحظر الاستيراد والتصدير والترويج. هذا الادعاء، رغم أسلوبه “الإخباري” المثير، غير صحيح إطلاقًا ولا يستند إلى أي مصدر رسمي أو قانوني فرنسي. تقصّي الحقائق من جهات مختصّة أظهر أن الفيديو صادر عن حساب ساخر يقدم محتوىً هزليًا وليس صحفيًا، وبالتالي فالمعلومة مضلِّلة. 0
- لا يوجد أي نص قانوني أو قرار حكومي في فرنسا يحظر الملوخية. 1
- الفيديو المنتشر مصدره حساب تيك توك ذو طبيعة ساخرة/بارودية. 2
- المحتوى صيغ بطريقة تُضخّم المخاطر الصحية لإيهام الجمهور بوجود “تهديد خفي”.
من أين جاءت الإشاعة؟
تتبّع مصدر الفيديو يبيّن أنّه نُشر من حساب يحمل طابع “الأخبار العاجلة” لكنّه في الواقع حساب ساخر، وهو تكتيك شائع يستغل مؤثرات القوالب الخبرية لزيادة المصداقية الزائفة. وقد وثّقت منصّات تدقيق فرنسية هذه النقطة بوضوح، مؤكدة أنّ الادعاء لا يعدو أن يكون مزحة/باروديا تحوّلت إلى إشاعة واسعة الانتشار بعد أن تجاوز الفيديو مليون مشاهدة. 3
وبالعودة إلى الأثر الرقمي، يظهر أرشيف لمقطع تيك توك يروّج صراحة لعبارة: “الملوخية ممنوعة في فرنسا ابتداءً من جانفي 2026”، وهو ما يفسّر سرعة انتشار الشائعة على المنصّة. 4
هل توجد سوابق رسمية لمنع أطعمة “شعبية”؟
من المفيد التذكير بأنّ السلطات الفرنسية حين تتدخل في السلامة الغذائية تعتمد بلاغات وقرارات موثّقة، ويمكن التحقّق منها عبر القنوات الرسمية أو وكالات الأنباء وبرامج التدقيق. وفي قضايا أخرى مشابهة، مثل إشاعة منع “الأتّيكيه” (سميد الكسافا الإيفواري) بداية 2026، أكّد قسم التدقيق في وكالة فرانس برس أنّ الادعاء غير صحيح ونفى صدور أي منع. هذا يبيّن نمطًا عامًا: كثير من “قرارات الحظر” المتداولة على تيك توك لا أساس لها. 5
الملوخية: طبق عريق… لا “خطر خفي”
الملوخية (أوراق Corchorus olitorius) طبق متجذّر في ثقافات مصر وبلاد الشام وتونس وليبيا والجزائر وغيرها، يُطهى بطرق متعددة منذ قرون طويلة ويُعرف عالميًا بأسماء مثل Molokhia أو Jew’s mallow. لا يوجد أي تغيير تنظيمي عام يمنعها في فرنسا، كما أنّ قيمتها الغذائية وثقافتها المطبخية مذكورتان في مصادر مرجعية معروفة. 6
وعلى العكس من خطاب التخويف الذي تبنّاه الفيديو، تُصنَّف الملوخية ضمن “الخضار الورقية” المستخدمة في مطابخ عديدة حول العالم، وتُدرجها مبادرات غذائية وثقافية كجزء من تراث الطهي. 7
لماذا تنتشر الإشاعات على تيك توك؟
يعود ذلك إلى سرعة المنصّة وقوّة التفاعل مع المقاطع القصيرة، إضافة إلى صعوبة السياق والتحقّق اللحظي، وهو ما وثّقته أبحاث حديثة حول ديناميات التضليل على تيك توك ودور برامج الشركاء في التدقيق. ورغم أنّ تيك توك يتعاون عالميًا مع منظمات تدقيق عديدة (بينها AFP وReuters وdpa…) فإنّ المحتوى المضلّل يظلّ قادرًا على تحقيق انتشار كبير قبل التصحيح. الحلّ: التقصّي قبل المشاركة. 8
كيف تتحقق بنفسك؟
- ابحث عن مصدر رسمي (بلاغ حكومي، مرسوم، أو بيان من وزارة معنية).
- اطّلع على تحقيقات التدقيق الفرنسية، أو تغطيات إعلامية موثوقة في وسائل إقليمية نزيهة. 9
- عرّف الطبق من مرجع محايد مثل موسوعات عامة لمزيد من السياق. 10
الخلاصة
لا توجد أي إجراءات تقييدية بشأن الملوخية في فرنسا، ولا قانون يبدأ في جانفي 2026 لمنعها. الادعاء المنتشر انطلق من فيديو ساخر على تيك توك، وتحول إلى إشاعة بعد أن قُدّم بأسلوب خبر عاجل. ثقافيًا وتاريخيًا، تواصل الملوخية عبور الحدود إلى موائد العالم، وتبقى جزءًا أصيلًا من مطبخ شمال أفريقيا دون “فضائح صحية” موثّقة. حافظوا على عادة التحقّق قبل المشاركة، وشاركونا روابطكم الموثوقة دائمًا. 11
