تقديرات فنية بارتفاع سعر المحروقات بنسبة 30% في ظل توقعات مؤكدة بتراجع انتاج النفط
تعرف منذ سنوات مناطق استخراج النفط في مختلف انحاء البلاد و لا سيما في الجنوب عديد الاضطرابات التي اثرت على مستوى انتاج هذه المادة الحيوية في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الوطني تحديات جمة فيما يتعلق بتفاقم عجز الميزان التجاري المتأثر بصفة كبيرة بالعجز الطاقي وهو الذي يناهز نسبة تتراوح بين الثلث و النصف منه.
و تشير التحركات في عدة شركات بترولية إلى أن الفترة القادمة قد تكون فترة حرجة للقطاع فالوضع مازال غير مستقر في شركة “اميلكار بتروليوم اوبرايشن”، كما ان الامتعاض متواصل داخل شركة “ماريتاب” التي تستغل حقل الزاوية في جرجيس بعد الإضراب الذي تم تنفيذه مؤخرا و ذلك فضلا عن عدد من التحركات الأخرى و التهديدات بالاضرابات خصوصا فيما يهم أعوان و موظفي الشركة الايطالية التونسية للنفط “سيتاب” بالبرمة.
و يؤكد العديد من المتابعين للشان الاقتصادي الوطني الى ان الاوضاع غير المستقرة في مجال انتاج النفط و تكريره من شانها ان تؤثر في مناخ العمل داخل الشركات وفي الانتاج ككل، ووفق نتائج التجارة الخارجية للمعهد الوطني للإحصاء فقد سجلت واردات مواد الطاقة ارتفاعا بنسبة 9% نهاية فيفري الفارط نتيجة الزيادة في مشتريات الغاز الطبيعي.
وأبرزت نتائج المبادلات الخارجية للبلاد أن العجز التجاري لقطاع الطاقة بلغ 726.5 مليون دينار اي ما يمثل 29.5 % من العجز الجملي.
كما انه و في معطيات المشروع السنوي للقدرة على الاداء الخاص بوزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة للعام 2018 فان انتاج النفط تراجع الى ما دون سنة 1990 وعاد انتاج الغاز الى معدلات التسعينات.
هذا و تزيد الصعوبات التي تتعرض لها الشركة التونسية لصناعات التكرير (مصفاة النفط الرئيسية في البلاد) من عجز قطاع الطاقة. ورغم أن وزارة الصناعة لم تتحدث عن العقبات التي تواجه مصفاة النفط، إلا أن مهتمين بشأن الطاقة أكدوا أن توقف نشاط المصفاة سيزيد من الواردات من المحروقات، و يفاقم فاتورة الاستيراد وقد يتسبب في زيادات جديدة في الأسعار لترميم العجز المالي المؤهل ليزداد متوسط سعر الوقود – في الظرف الراهن – بنسبة 30%.
وكانت السلط الحكومية قد أقرت زيادات في أسعار الوقود يوم 31 مارس الماضي. وتُلقي صعوبات المصفاة بظلالها على قطاع الطاقة عموما نظرا للدور المهم الذي تلعبه في تلبية السوق المحلية من مختلف مواد الطاقة والتي تمثل 25 بالمائة من حاجيات البلاد.
و بين سامي اللواتي عضو جامعة النفط والمسؤول النقابي عن مصفاة النفط “ستير”، في ان العمل متوقف بكافة وحدات الشركة منذ يوم 4 جانفي المنقضي ويتوقع أن يتواصل الغلق إلى شهر أكتوبر القادم. وأضاف أن إيقاف نشاط المصفاة تقرر على اثر حادث التسرب النفطي في أكتوبر الماضي، مشيرا إلى أن الضغط الكبير على المصفاة في السنوات الماضية دون القيام بأشغال الصيانة اللازمة تسبب في عطل بالخزانات ووقوع التسرب مؤكدا أن كافة خزانات المصفاة في حاجة إلى إعادة تأهيل شاملة نتيجة تقادمها، ما يفسر قرار إدارة الشركة بإيقاف العمل لمدة تتجاوز عشرة أشهر.
يذكر ان الشركة التونسية لصناعات التكرير، وهي التي تعرف باسم “الستير” هي الشركة الوطنية المكلفة بتكرير النفط وتوريد المحروقات وتأسست سنة 1961 في إطار اتفاقية شراكة بين الحكومة التونسية وشركة إيني الإيطالية. وبلغت مخصصات دعم الطاقة في تونس 2.8 مليار دينار (الدولار = 3 دنانير) في ميزانية 2019، مقابل 2.7 مليار دينار عام 2018.