توصل باحثون إلى إمكان تحويل الخلايا الجذعية من معدة الإنسان إلى خلايا تفرز الأنسولين، مما يوفّر نهجا واعدا لعلاج مرض السكري. وأجرى الدراسة باحثون من كلية طب “وايل كورنيل” وبقيادة الدكتور جو تشو، وكتب عنها موقع “يوريك أليرت”.
وأظهر الباحثون أنه يمكن أخذ خلايا جذعية من أنسجة معدة الإنسان، وإعادة برمجتها مباشرة لتصبح خلايا تشبه إلى حد بعيد الخلايا التي تفرز الأنسولين في البنكرياس والمعروفة باسم “بيتا”. وعند زراعة مجموعات صغيرة من هذه الخلايا في فأر تجارب مصاب بالسكري تحسنت حالته.
إنّ الأنسولين هو هرمون ينظم مستويات الغلوكوز في الدم، ويحول دون ارتفاعه، ومن ثم يمنع الإصابة بمرض السكري ومضاعفاته العديدة. أما خلايا بيتا فهي خلايا موجودة في البنكرياس، وتنتج هرمون الإنسولين الذي يعمل على خفض مستوى السكر في الدم.
والخلايا الجذعية هي خلايا قادرة على التكاثر بشكل تلقائي طول عمر الإنسان، وفي ظروف معينة يمكنها أن تنقسم لتكوين الخلايا المتخصصة مثل العضلات والأعصاب. ولهذه الخلايا مهام مهمة مثل نمو الجنين واستبدال الخلايا التالفة في الأعضاء.
وهناك نوعان من السكري:
– النوع الأول ينتج من هجوم جهاز المناعة الذي يدمر خلايا “بيتا” في البنكرياس، وقد تؤدي عوامل مختلفة، منها الخصائص الوراثية وبعض الفيروسات، إلى الإصابة بداء السكري من النوع الأول. ورغم أن داء السكري من النوع الأول يظهر عادةً في الطفولة أو المراهقة، لكنه قد يصيب البالغين أيضًا.
– النوع الثاني ينجم عن انخفاض حساسية الخلايا للأنسولين، وتُسبب هذه الحالة طويلة الأمد وجود كمية كبيرة جدًا من السكر في الدم. وفي النهاية، يمكن أن تؤدي مستويات سكر الدم المرتفعة إلى حدوث اضطرابات في الدورة الدموية والجهاز العصبي والجهاز المناعي. فعند الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، تظهر مشكلتان أساسيتان. لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الأنسولين، وهو هرمون ينظم حركة السكر في الخلايا. ولا تستجيب الخلايا لهرمون الأنسولين استجابة صحيحة ومن ثمَّ تمتص كمية قليلة من السكر.
وتشمل العلاجات الحالية في مثل هذه الحالات حقن الأنسولين يدويا، ومضخات يمكن ارتداؤها، والتي لها عيوب متعددة بما في ذلك الألم، والتحكم غير الفعال في الغلوكوز.
هذا ويهدف الباحثون إلى تغيير وظيفة خلايا “بيتا” بطريقة أكثر طبيعية، مع عمليات زرع الخلايا البشرية التي تعمل مثل خلايا بيتا، أي أنها تقوم بالاستشعار التلقائي لمستويات السكر في الدم وإفراز الأنسولين حسب الحاجة. في الحالة المثالية، قد تستخدم عمليات الزرع خلايا المريض نفسها لتجنب مشكلة مقاومة الجسم ورفضه الخلايا المزروعة إذا كانت من متبرع، إذ يعتبرها جسما غريبا.
بعد تحويل الخلايا الجذعية المعوية البشرية إلى خلايا شبيهة بخلايا “بيتا”، عمل فريق الباحثين على إنماء الخلايا في مجموعات صغيرة تسمى العضيات، ووجدوا أن هذه القطع الشبيهة بالأعضاء سرعان ما أصبحت حساسة للغلوكوز، وتستجيب لإفرازات الأنسولين.
وعند زرعها في فئران مصابة بداء السكري، كانت العضيات الشبيهة بخلايا “بيتا” تعمل إلى حد كبير مثل خلايا بنكرياسية حقيقية، حيث تفرز الأنسولين استجابة لارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم، ومن ثم تحافظ على استقرار مستويات الغلوكوز في الدم.
وأخيراً، يأمل الباحثون في تطوير تقنية تمكن من جمع الخلايا الجذعية المعوية من المرضى، تليها بعد أسابيع زراعة العضيات التي تفرز الأنسولين، والتي تنظم مستويات السكر في الدم دون الحاجة إلى تعاطي المريض المزيد من الأدوية.