محاكمة عبير موسي: خلفيات القضية والسيناريوهات المنتظرة في الاستئناف

محاكمة عبير موسي تتغيّر فجأة
الفصل 24 من المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، في القضية المرفوعة ضدّها من قبل الهيئة العليا المستقلة
للانتخابات على خلفية تصريحات أدلت بها خلال ندوة صحفية بتاريخ 9 ديسمبر 2022، حين أعلن الحزب الدستوري الحر موقفه الرافض لمسار الانتخابات التشريعية.
وكانت موسي قد حُكم عليها ابتدائياً بعقوبة سجنية مدتها عامان، فبادرت إلى استئناف الحكم، مما جعل الجلسة الحالية تحتل صدارة الاهتمام السياسي والإعلامي.
وخلال الجلسة، طالبت عبير موسي بمنحها الكلمة لتتوجه مباشرة إلى رئيس الدائرة الجنائية، حيث دعت إلى “التجريح في نفسه” معتبرة أن ترؤسه للقضية يتعارض مع
مبدأ الحياد، لأنه – وفق قولها – كان سابقاً عضواً في أحد فروع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي الجهة التي رفعت ضدها الشكاية موضوع المحاكمة.
وساندتها في هذا الطلب المحامية نادية الشواشي، المعيّنة في إطار المساعدة العدلية من قبل الفرع الجهوي للمحامين. وأوضحت الشواشي أن القانون يمنع أن يكون القاضي
في موقع “الخصم والحكم” في الوقت نفسه، خاصة مع ارتباط القضية مباشرة بهيئة الانتخابات، التي تُعد طرفاً شاكياً.
هذا الطلب غيّر مجرى الجلسة بالكامل، إذ قررت الدائرة الجنائية حجز القضية إثر الجلسة للنظر في مطلب التجريح، على أن يتم تحديد موعد لاحق لاستئناف المحاكمة
بعد البت في شرعية استمرار رئيس الدائرة في نظر الملف.
خلفيات القضية
ترجع القضية الأصلية إلى تصريحات أدلت بها عبير موسي خلال ندوة صحفية سنة 2022، واعتبرت هيئة الانتخابات آنذاك أن تلك التصريحات تضمنت اتهامات و”معلومات
غير دقيقة” تمس بسمعتها وبسلامة المسار الانتخابي. وتمت إحالة الملف على النيابة العمومية التي أذنت بفتح بحث طبق المرسوم 54.
المرسوم 54 كان منذ إصداره موضوع جدل واسع في تونس، باعتباره يطرح إشكاليات حرية التعبير وحدودها، ويثير تساؤلات حول استعماله في قضايا ذات بعد سياسي
أو إعلامي. وتعدّ قضية عبير موسي أحد أبرز الملفات المرتبطة به، خصوصاً أن المعنية تُعرف بمواقفها المعارضة للسلطة التنفيذية والبرلمان الحالي.
السيناريوهات المحتملة
طلب التجريح الذي تقدمت به موسي يمكن أن يؤدي إلى واحد من سيناريوهين:
1. قبول التجريح واستبدال رئيس الدائرة بقاضٍ آخر، مما قد يؤخر النظر في الملف لكنه لا يغيّر طبيعته القضائية.
2. رفض التجريح، وهو ما سيعيد الملف إلى الدائرة نفسها لاستكمال النظر في الاستئناف.
ويرى عدد من المراقبين أن الجلسة الأخيرة تمثل محطة مهمة قد تحدد المسار القضائي والسياسي للملف، خاصة في ظل التعقيدات القانونية المرتبطة بالمرسوم 54
وتداخلها مع السياق السياسي العام.
خلاصة وتحليل
ما جرى اليوم في محكمة الاستئناف بتونس يؤكد أن القضية تجاوزت حدود التتبع العدلي العادي، وأصبحت جزءاً من مشهد سياسي وقانوني معقد. فعبير موسي، التي
تعتبر من أكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل، تجد نفسها أمام ملف حساس قد تكون له تداعيات واسعة سواء داخل الحزب الدستوري الحر أو في الساحة السياسية
ككل.
الانتظار الآن يتعلق بقرار الدائرة بشأن مطلب التجريح، وهو قرار سيحدد موعد الجلسة المقبلة ومسار المحاكمة في المرحلة الاستئنافية. ومع ذلك، يبدو واضحاً أن
القضية لن تتوقف عند حدود القضاء فقط، بل ستواصل تأثيرها على الجدل العام حول المرسوم 54 وحدود حرية التعبير في تونس.



