الصحة في اليمن: “كارثة إنسانية” بين الكوليرا وكورونا
الصحة في اليمن: “كارثة إنسانية” بين الكوليرا وكورونا
سجّل اليمن أمس الجمعة، أولى الإصابات بكوفيد-19، فيما تشير التقارير إلى اقتراب البلد الغارق في الحرب منذ خمس سنوات من “كارثة إنسانية” جديدة، مؤكّدةً أنّ المرافق الصحية فيه غير قادرة على استيعاب تدفق كبير للمرضى.
ونقلت وكالة أنباء “فرانس برس” عن منسق منظمة أطباء العالم في اليمن يان جوسيس قوله إنّ الأزمة المُقبلة قد تؤدي أيضا إلى تراجع جهود مكافحة الكوليرا، مضيفًا أنّه “من الممكن أن يكون هناك عدد أكبر من الحالات، مع وجود مصابين يتخوفون من التوجه للمراكز الطبية والخضوع لفحوصات خوفا من نظرة المجتمع لهم أو اتهامهم بنقل المرض”.
وبيّن جوسيس أنّه: “أعتقد أنه سيكون هناك تسارع في تفشي الفيروس، ونتوقع وقوع كارثة إنسانية مع إصابة ملايين من الناس بكوفيد-19″، إذ أنّ “المرافق الصحية غير مستعدة على الإطلاق لاستيعاب تدفق مرضى مصابين بفيروس كورونا المستجد. هناك 51 في المئة فقط من المرافق الصحية العاملة في اليمن وهي تعاني أيضا من نقص في كافة المعدات والأقنعة وأجهزة التنفس التي يوجد منها 195 جهازًا فقط”.
وأوضح أنّه “لا يوجد أيضا العديد من المواقع لنقل المرضى الأشد خطورة. وأنظمة فرز وعزل المرضى ليست جاهزة وهناك نقص في الكوادر الصحية المدربة؛ كما ستكون إجراءات العزل صعبة التطبيق. والوصول إلى المياه محدود للغاية ويعد الوصول إلى منتجات التعقيم والتطهير ترفا بالنسبة لكثيرين”.
وبسبب النزاع الدائر، فإن الكثير من المناطق يوجد فيها عدد كبير من النازحين الذين يعيشون في ظروف صعبة للغاية. ولا يمكنهم بالطبع مراعاة التباعد الاجتماعي؛ بالتالي سيكون من الصعب إغلاق المحلات الصغيرة. ومع اقتراب شهر رمضان، فإن المساجد ستجذب الكثير من الناس. وسيكون من الصعب أمام السلطات تطبيق الاحتواء (وهو أمر لم تقم به حتى الآن).
(أ ب)
وأوضح جوسيس أنّ “ما يثير قلقنا أيضا هو القدرة على إجراء الاختبارات. لا يوجد الكثير من الاختبارات (يوجد 500 فقط حاليا) ولا توجد مراكز مخصصة”.
كيف تتحضر المنظمات غير الحكومية لمواجهة الجائحة؟
وفقا لمنسق منظمة أطباء العالم في اليمن، فإنّ كافة المنظمات غير الحكومية تحاول التوصل إلى طريقة لاستيراد المعدات. المشكلة تتعلق بتقلبات العرض العالمية. هناك ارتفاع في الأسعار. وإجراءات الاستيراد طويلة للغاية ومرهقة في اليمن.
وأوضح جوسيس أنّ “نحن ننظر في احتمال جمع (طلباتنا) مع منظمات أخرى وأن نسعى لشرائها محليا لنتمكن من التعامل مع الحالات الأولى. ولكن حتى محليا، فإنه من الصعب للغاية العثور على المعدات اللازمة وأسعارها باهظة. يمكن أن يصل سعر مقياس الحرارة بالأشعة تحت الحمراء إلى 450 دولارًا للقطعة”.
وباءان في آن واحد: الكوليرا وكورونا
إن معدل الوفيات المتعلقة بالكوليرا ضخم ويتراوح بين 30 في المئة و50 في المئة. ويمكن أن ينخفض هذا إلى أقل من واحد في المئة إذا تم العلاج في أقل من 72 ساعة. والعام الماضي، تضررت 96 في المئة من مديريات اليمن من الكوليرا؛ كذلك فإنّ موسم الأمطار قريب. وستكون مواجهتهما معا في ذات الوقت أمرا معقدا.
يتطلب علاج الكوليرا عددا من معدات الوقاية والنظافة والقفازات والمياه وغيرها..وهذا أمر يشبه مواجهة فيروس كورونا المستجد، و”نخشى من أن تؤدي مواجهة الوباء الجديد إلى استنزاف المعدات اللازمة على حساب الوباء الآخر. وسيكون هناك نقص في المعدات لمواجهة المرضين نهاية الأمر”، وفقا لجوسيس.
ويشهد اليمن حربا مدمرة منذ خمس سنوات أسفرت عن سقوط عشرات الالاف من القتلى وتسببت، حسب الأمم المتحدة، بأسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليًّا.
ويدور النزاع بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران ويسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ بد هجومهم في 2014، وخلال ست سنوات، قتل في النزاع عشرات الآلاف من الأشخاص معظمهم من المدنيين، حسب منظمات إنسانية.
ويعيش أكثر من ثلاثة ملايين مدني في مخيمات مكتظة. وتقول منظمة العفو الدولية إن حوالى 4.5 ملايين شخص معوقين يواجهون “إهمالا وتجاهلا” في مواجهة صعوبات متزايدة (كانون الأول/ ديسمبر 2019).
كما تتحدث المنظمة عن “صعوبة تنقلهم” وحتى “تخلي” عائلاتهم عنهم و”انفصالهم عنها” خلال “الفوضى التي ترافق الفرار”. كما حذرت منظمات العمل الإنساني مرات عدة في الأشهر الأخيرة من تدهور النظام الصحي.
عرب 48
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.