free page hit counter

أخبار العالماخبار دوليةالعالميةسياسة

من هم الدروز؟ العقيدة، التاريخ، الدور السياسي والتحديات الإقليمية


الدرُوز: من العقيدة السرية إلى الصراع الإقليمي




الدرُوز: من العقيدة السرية إلى الصراع الإقليمي

إعداد: فريق التحرير – Tunimedia | 17 جويلية 2025

الدرُوز طائفة دينية فريدة تشكلت في ظروف سياسية وفكرية معقّدة، وقد لعبت أدوارًا حساسة في التوازنات الجيوسياسية في بلاد الشام. هذا المقال يستعرض العقيدة، الجغرافيا، التاريخ، الدور السياسي، والأزمة الحالية التي تعصف بمناطق وجودهم، لا سيما في السويداء، ويفتح تساؤلات مصيرية حول مستقبل هذه الطائفة.

1. الجذور العقائدية المغلقة

تأسست الطائفة الدرزية في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي في ظل الدولة الفاطمية بمصر، عندما أعلن حمزة بن علي الزوزني عن عقيدة دينية جديدة تتبنى التوحيد الفلسفي والباطنية العقائدية. تبنّت هذه العقيدة أفكارًا روحية ومعرفية تقوم على الإيمان بوحدانية الله ورفض التشبيه والتجسيم، كما اعتقدت بالتناسخ كوسيلة لفهم مصير الروح.

وتميّزت العقيدة الدرزية منذ بدايتها بانغلاقها، حيث أُغلق باب الدعوة نهائيًا عام 1043 ميلاديًا، ولم يُسمح بالدخول إلى الطائفة بعد هذا التاريخ، وهو ما ساهم في تماسك الهوية الجمعية للدروز. تنقسم الطائفة داخليًا إلى فئتين: العُقّال وهم النخبة الدينية المطلعة على الكتب المقدسة والعقيدة، والجهّال وهم عامة الدروز الذين يلتزمون بالمظاهر الدينية والاجتماعية العامة دون اطلاع على الأسرار العقائدية.

يعتبر الدروز أنفسهم امتدادًا للنبي شعيب، ويجلّون الأنبياء السابقين في الديانات السماوية، كما يمارسون الطقوس الدينية في إطار اجتماعي لا يُعلَن للعامة. لا توجد طقوس عبادية ظاهرة كالصلوات اليومية أو صيام رمضان، بل يتبع الدروز منهجًا باطنيًا أخلاقيًا في التديّن.

2. الديموغرافيا: من جبل العرب إلى الجليل

يُقدّر عدد الدروز عالميًا بأكثر من 1.5 مليون نسمة، يتوزعون في أربع دول رئيسية: سوريا، لبنان، فلسطين (إسرائيل)، والأردن. يعيش حوالي 700 ألف درزي في سوريا، معظمهم في محافظة السويداء وجبل العرب، التي كانت تُعرف سابقًا باسم “جبل الدروز”. في لبنان، يشكلون نحو 5% من السكان، ويتمركزون في الشوف وعاليه والمتن الجنوبي.

في إسرائيل، يقدّر عدد الدروز بنحو 143 ألف نسمة، يعيشون في الجليل والكرمل والجولان المحتل. ويتميّزون عن باقي عرب الداخل بخضوعهم للخدمة العسكرية الإلزامية، ما خلق جدلًا داخليًا حول الهوية والانتماء. في الأردن، يتواجد عدد محدود من الدروز في منطقة الأزرق.

رغم العدد المحدود نسبيًا، لعبت الطائفة الدرزية دورًا سياسيًا واجتماعيًا يفوق حجمها العددي، نظرًا لتنظيمها الداخلي الصارم، ووحدة بنيتها الاجتماعية، وقدرتها على التكيّف مع مختلف الأنظمة.

3. التاريخ الثوري والسياسي

لعب الدروز أدوارًا محورية في محطات سياسية وثورية عديدة. ففي سوريا، كان الزعيم سلطان باشا الأطرش أحد أبرز رموز الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي بين عامي 1925 و1927، وقد انطلقت شرارة الثورة من جبل الدروز، قبل أن تنتشر إلى مختلف المناطق السورية. رفض الأطرش التخلي عن الاستقلال، وواجه قمعًا فرنسيًا عنيفًا.

في لبنان، شارك الدروز في تشكيل الكيان اللبناني الحديث، وكان لهم تأثير كبير في الحياة السياسية منذ الاستقلال وحتى اليوم. برزت شخصيات درزية مثل كمال جنبلاط ووليد جنبلاط، واللذان شكلا تيارات سياسية ذات طابع تقدمي ويساري، وأسسا الحزب التقدمي الاشتراكي الذي لعب دورًا أساسيًا في الحرب الأهلية اللبنانية.

تاريخيًا، كان للدروز تقاليد في المقاومة ضد العثمانيين والمماليك، كما خاضوا حروبًا مع الموارنة والدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، أبرزها “مجزرة الدامور” و”حرب 1860″.

4. الدروز وإسرائيل: بين المواطنة والولاء المركب

تُعد الطائفة الدرزية المجموعة العربية الوحيدة في إسرائيل التي تُفرض عليها الخدمة العسكرية الإلزامية، وهو ما منحها امتيازات سياسية ومؤسسية، لكنها في الوقت نفسه وجدت نفسها في موقع حساس بين هويتها العربية ودورها داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

يرتقي العديد من الضباط الدروز إلى مناصب رفيعة في الجيش والشرطة، ويُنظر إليهم من قبل المجتمع اليهودي كجسر محتمل بين العرب والدولة. غير أن هذه العلاقة ليست خالية من التوترات، خاصة في ظل السياسات العنصرية الإسرائيلية وتصاعد خطاب الهوية اليهودية.

شهدت السنوات الأخيرة تصاعد أصوات درزية معارضة للخدمة العسكرية، خاصة من شباب الجولان المحتل الذين يرفضون الجنسية الإسرائيلية ويرفعون أعلام سوريا. ومع تفاقم الأزمة السورية، باتت إسرائيل تدّعي الدفاع عن الدروز السوريين كذريعة لتدخلات عسكرية في الجنوب السوري.

5. الأزمة الأخيرة في السويداء

في يوليو 2025، شهدت محافظة السويداء السورية توترات دامية إثر اشتباكات بين مسلحين دروز وعناصر من البدو في ريف المدينة، سرعان ما تطورت إلى صدامات مع قوات النظام السوري. ارتفعت حصيلة الضحايا إلى أكثر من 300 قتيل وجريح، مما دفع إسرائيل للتدخل عبر سلسلة غارات جوية على مواقع سورية، بحجة حماية “الأقلية الدرزية”.

تدخلت أطراف دولية مثل الولايات المتحدة والأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق نار هش، في ظل مخاوف من تكرار سيناريو الانقسام الطائفي كما حدث في العراق ولبنان. وفي الوقت نفسه، ظهرت دعوات داخلية درزية تطالب بالحكم الذاتي المحلي، واست

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً