هرب وائل الدحدوح مِن توانسة مِنّا أرهقوه وأزعجوه وأحرجوه، وربّما حتّى زادوه ألما ومرارة بإعطائه صورة لا تليق عن صحافتنا في عدم التمييز بين المهني والإنساني، والعملي والوجداني.
ولا أرى هروبه إلاّ لطمة على وجوهنا جميعا حتىّ وإن التمس العذر لسفره العاجل وتوهمت النقابة أنّه سيعود…
وائل الدحدوح الزميل الذي تحوّل إلى رمز للمقاومة والصبر والتغلب على الأوجاع في غزّة، لا أعرفه معرفة شخصيّة، ولم ألتقيه بالمرّة.
كنت قد عملت في “الجزيرة” بالدوحة وغادرتها مستقيلا عندما انتسب هو إلى القناة. لكن لا أجادل في أنّه أتقن عمله مراسلا صحفيا مثلما يتقن العمل كلّ مراسلي “الجزيرة” وصحفييها ومذيعيها، لأنّها تنتقيهم بعناية وباختبار دقيق
ولا شك أنّ الصحفي الفلسطيني قد راكم تجارب ممارسة المهنة على الميدان. لكن تمرّسه، حتىّ وإن امتزج عنده بوافر من الوطنية والشجاعة والإيمان فإن تحديات سلامته الجسديّة والنفسيّة كانت أقوى، في حرب يشنها المحتل بحقد.
لهذا لا يمكن إلاّ أن نلبس التضامن والتعاطف والنصرة لحالة اعتصار الروح التي عاشها الدحدوح بفقدان أفراد أسرته وإصابته هو شخصيّا في هجمات النار والحديد التي ينفذها العدو.
وبخلاف هذا، لا تفسير للهالة التي أُحيط بها الرجل واصطُنعت له في زيارته لبلادنا سوى أنّ مَن رتّبوا للزيارة اكتسبوا ضعف الحس وقوة “المس”،
وبدلا من أن يكرموا الرجل ويتركوه للراحة بما يخفف قليلا من جرحه العميق أخذوه إلى اللقاءات الطويلة والتقاط الصور المخجل، حتىّ إذا ما جرّتهم تجارتهم النضالية إلى التخطيط لدفعه إلى مزيد من هدّ بدنه وحرق أعصابه بإحضاره في “لقاءات جماهيرية” في العاصمة وبنزرت وصفاقس كما لو أنهم يحولونه إلى زعيم سياسي يخوض حملة انتخابية، انتفض الدحدوح بأدب أن فكّوا عنيّ، وإنّي عائد إلى حيث هَمّ أخف.
الإعلامي القدير سعيد الخزامي تدوينة عبر حسابه بالفايسبوك، وهذا هذا ما جاء فيها عن جريدة الحرية التونسية