ما هي أسباب إعفاء بودن؟
لم يكن الرئيس قيس سعيد راضيا بحسب تقارير إعلامية، عن إدارتها لنقص الدقيق وبالتالي الخبز في المخابز المدعومة من الدولة.
يقول الكاتب حاتم النفطي لفرانس برس إن « هذه الحكومة بأكملها عبارة عن صمامات، المهم بالنسبة للرئيس هو أن لا يتحمل مسؤولية أي خطأ على الإطلاق »، منتقدا « نظاما يضمن استمراريته من خلال إيجاد كبش فداء: من قضاة وسجناء رأي ومهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى ».
ووفقا لخبراء اقتصاد، يعود النقص في الخبز الفرنسي (باغيت) المدعوم إلى عدم توفر إمدادات الحبوب لأن الموردين يريدون تلقي مستحقاتهم مسبقا من تونس المثقلة بالديون بنسبة 80% من إجمالي الناتج الداخلي.
ومنذ سبعينات القرن الماضي، ركزت الدولة على اقتناء العديد من المنتجات الأساسية (الدقيق والزيت والسكر والحليب والمحروقات) لإعادة بيعها بأسعار معقولة في السوق.
وبحسب النفطي، تراجعت شعبية بودن التي تم تعيينها في منصبها في أكتوبر 2021 « في أوساط الرئيس »، وحتى في صفوف المعارضة لأنها تعتبر « واجهة تساهم في طمأنة الغربيين ».
يرى المحلل السياسي يوسف شريف من مراكز كولومبيا العالمية أنه بسببأزمة الخبز وتدهور الاقتصاد « تدفع الحكومة والمعارضة بالطبع ثمن الغضب الشعبي في حين أن النظام رئاسي بامتياز ».
ويضيف بالقول إن تعيين رئيس وزراء جديد قد يساهم في « إثبات أن الرئيس يصغي للمطالب الشعبية ».
سعيّد الذي انتخب ديموقراطيا في أكتوبر 2019 يحتكر كامل السلطات منذ 25 يوليوز 2021، ويتفرّد بحكم البلاد من خلال مراسيم. ومنذ ذلك الحين أقال ستة وزراء.
ما هي نوايا قيس سعيّد؟
توقع بعض الخبراء تعيين شخصية سياسية لمساعدة الرئيس على التحضير للانتخابات الرئاسية في خريف 2024.
ويضيف النفطي أن رئيس الوزراء الجديد أحمد الحشاني المسؤول السابق في المصرف المركزي التونسي « ليس شخصية سياسية إطلاقا. وهو صديق سابق للرئيس من كلية الحقوق ».
ويوضح أن « لا أهمية » لاسمه أو مسيرته المهنية، فقد تم تعيينه « فقط لتطبيق رغبات الرئيس ». من جهته يقول المحلل السياسي صلاح الدين جورشي إن « قيس سعيد لا يؤمن باستقلالية الحكومة أو الوزراء ».
وبحسب شريف، من المرجح « عدم تأثر الوزارات السيادية و(أن) يقتصر التغيير على الوزراء الذين واجهوا مشاكل في الأشهر الأخيرة ».
قد يجد وزير الاقتصاد سمير سعيد نفسه في وضع محرج وهو في الخطوط الأمامية في المحادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة ملياري دولار.
ويضيف النفطي: « مع قيس سعيد هما على خطين موازيين لا يلتقيان، سيكون ذلك منطقيا ».
ما العواقب على الصعيد الدولي؟ –
من الصعب تخيل استمرار المحادثات مع صندوق النقد الدولي الذي يعارض سعيد الاستعانة به باقتراح « إطار مالي عالمي جديد ».
ويؤكد قيس سعيد رفضه « لإملاءات » الصندوق التي تتمثل في نظره في رفع الدعم عن المنتجات الأساسية وإعادة هيكلة مئات الشركات العامة المثقلة بالديون، وهما إجراءان اقترحتهما حكومة بودن مقابل الحصول على قرض.
ويشير سعيد إلى أنه يبحث عن تمويل من مصادر أخرى. وبحسب شريف « يندرج ذلك في خطابه الشعبوي ويساهم في ترسيخ شعبيته ».
فهل ينجح في مسعاه بمساعدة الأوروبيين وبعض الدول العربية مثل السعودية، التي أعلنت مؤخرا تقديم قرض وهبة بقيمة 500 مليون دولار.
في منتصف يوليوز أبرم الاتحاد الأوروبي « شراكة استراتيجية » مع تونس تنص على دفع 255 مليون يورو هذا العام، منها 150 مليونا كمساهمة مباشرة في الموازنة.
وقد تقدم بروكسل أيضا « مساعدة مالية كلية » بقيمة 900 مليون يورو في المستقبل، من المفترض أن تكون مشروطة بالإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان التي تراجعت في البلاد، وفقا لمنظمات غير حكومية.
يقول النفطي: « الأهم بالنسبة لأوروبا هو أن يحافظ قيس سعيد على مراقبة حدوده ويضبط المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الكبرى ».
هذه المساعدات بالإضافة إلى الايرادات السياحية وتحويلات المغتربين « ستمنح المالية العامة متنفسا حتى الشتاء »، بحسب شريف. لكن « هناك حاجة إلى أموال أخرى في المستقبل » وخطر « التخلف عن السداد سيبقى ماثلًا ».
المصدر : menara ma