كت يوسف الرمادي
ها أنّ الفرصة متوفّرة الآن لنعرف مع هامش لا يكاد يذكر من الخطء هل أنّ قيس سعيّد هو رئيس كلّ التونسييّن كما يقتضيه الدستور حيث أنّه منتخب مباشرة من الشعب ليصبح رئيسا الكلّ بدون تميّز؟ أم له حساباته التي نسمع عنها من مسانديه في الانتخابات والتي لم يتبرّأ منها صراحة وهؤلاء المدّعين القرب من سعيّد عبّروا صراحة وتلميحا أنّ لهم مرشّحهم لرئاسة الحكومة وخاصة الذي كان وراء بيع الناخبين في آخر لحظة لفرق سعيّد.
لذلك يجب أن لا يتبادر لذهن القارئ أنّ قيس سعيّد ليس له إلّا أن يعتمد على ما قدّم له الأحزاب والكتل من ورقات حول ترشيحهم للشخصيات التي وقع عليها اختيارها فهذه الورقات المتضمّنة لتعليلات الاختيار أو كما يقولون هذه البطاقات الشخصيّة سوف لن يكون ما تتضمّنه من معطيات كافية لترجيح مرشّح على آخر لعدّة أسباب يطول شرحها لعلّ أهمّها هو أنّ هذه الوثائق المكتوبة هي في حاجة لأهمّ مقياس في نظري وهو قوّة الشخصيّة والقدرة على التحكّم في فريق العمل والقدرة على الإنجاز هذه من الأمور التي لا يمكن أن يحكى عنها أي هي لا يعبّر عنها كتابة بل معرفتها لا تكون إلّا عمليّا وهذا مرتبط بالمسؤوليات التي تحمّلها الشخص والتي يمكن من خلال اتّصافه بها أن يكون جديرا بممارسة هذه المسؤوليّة إذ بتوفّرها يمكن أن نتحقّق من مدى قدرته على تحمّل هذه المسؤوليّة التي لا يختلف اثنان على مدى صعوبتها.
ومع هذا فلا أرى أنّ هذه الخصال كافية لوحدها لترجيح كفّة من سيقع عليه الإختيار إذ المكلّف من رئيس الجمهوريّة سيمرّ حتما أمام البرلمان وإن أراد رئيس الجمهوريّة صيانة أفعاله من العبث و أن لا يمسك النواب مثلما يقال “من اليد التي توجعهم” وذلك بوضعهم أمام الأمر المقضي حيث يحتّم عليهم التصويت لفائدة الحكومة التي ستقدّم لهم تفاديا لحلّ البرلمان وما سيتبع هذا السيف المسلّط على النوّاب من تبعات سوف يدفع ثمنها الشعب التونسي ووضع البلاد الذي لا يتحمّل مزيدا من المغامرات لذلك فعلى رئيس الجمهوريّ أن يُوفَّق في اختياره بين الكفاءة والقدرتهم والنزاهتهم وبين رغبات أكثر النواب عن طريق كتلهم إذ هم وحدهم الذين بيدهم الحكم على الحكومة ورئيسها يوم أن تُعرض عليهم وأمام هذه الحتميّة فإنّ الملاحظ العادي والذي لا يرغب إلّا في استقرار الأوضاع السياسيّة لتنعكس إيجابا على وضع المواطن الاقتصادي والاجتماعي يرى بعد أن أعلنتْ الكتل والأحزاب عن مرشّحيها أنّ هذين الشرطين متوفّران في شخص واحد حيث توفّر فيه شرط اقتراحه من أكثر من كثلة كما أنّه جرّب في تحمّل المسؤوليّة وله رؤية واضحة للإصلاحات الضرورّة لانقاذ البلاد هو محمّد الفاضل عبد الكافي الذي لا أعرفه لا من قريب ولا من بعيد والذي استمعتُ إليه في العديد من المناسبات فأقنعني كما أقنع طيفا كبيرا جدّا من الشعب التونسي المتعطّش لانْطِلاق في الإصلاح الضروري لأوضاع البلاد. متأسّيا بقول هود لقومه:
“قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلّا ما أنهاكم عنه إن أريد إلّا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلّا بالله عليه توكلت وغليه انيب”
(هود آية 88 )