free page hit counter

اخبار محلية

التفاصيل الكاملة لحكم 4 سنوات سجناً ضد القيادي في النهضة أحمد الورغمي





حكم جديد يطال قياديا بارزا



حكم جديد يطال قياديا بارزا

في قرار قضائي يفتح نقاشاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والقانونية، أصدرت الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس حكماً يقضي بسجن القيادي في حركة النهضة أحمد الورغمي مدّة أربع سنوات سجناً نافذة، مع إخضاعه لاحقاً إلى مراقبة إدارية تتواصل خمس سنوات كاملة بعد انتهاء العقوبة السجنية. ويأتي هذا الحكم في إطار إحدى القضايا المرتبطة بالمسّ من الأمن العام والتحريض على العنف والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وهي من أخطر التهم التي يمكن أن تُحال أمام القضاء التونسي في هذا الصنف من القضايا.

ويمثل هذا القرار تتويجاً لمسار قضائي متشعب بدأ منذ أشهر، بين جلسات مرافعة ومذكرات دفاع وتقارير أمنية وتحقيقات موسعة شملت محاضر بحث وأقوال شهود وتقارير فنية. ويؤكد مصدر قضائي مطّلع أن الحكم جاء استناداً إلى مجموعة من المعطيات التي عرضتها النيابة العمومية وتتعلق بفحوى تصريحات ومواقف وارتباطات اعتبرتها المحكمة مندرجة ضمن خانة التحريض والمشاركة في أعمال يمكن أن تمسّ مباشرة بالأمن الداخلي للدولة.

وتعود القضية التي حوكم من أجلها أحمد الورغمي إلى مجموعة من الوقائع المرتبطة بملفات تم النظر فيها سابقاً أمام قضاء مكافحة الإرهاب، حيث تم توجيه اتهامات شملت شبهة التحريض على العنف، وتداول تصريحات ذات طابع يمكن أن يهدد السلم العام، بالإضافة إلى شبهات تتعلق بالتنسيق أو التواصل مع أطراف يتم اعتبارها ذات تأثير سلبي على الأمن القومي. ورغم نفي الورغمي لهذه التهم خلال جلسات الاستماع، فإن المحكمة رأت أن الأدلة المتوفرة كافية للإدانة.

ويعد هذا الحكم من أبرز الأحكام الصادرة مؤخراً في سياق ملفات تتعلق بقيادات سياسية كانت فاعلة في المشهد التونسي خلال السنوات الأخيرة، وبخاصة أولئك الذين ارتبطت أسماؤهم بملفات مفتوحة لدى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب. ويعتبر مراقبون أن هذا المسار يعكس توجهاً قضائياً نحو التشديد في الملفات التي تُصنّف ضمن الجرائم الماسة بالأمن العام، خاصة بعد تنامي خطابات شعبية وسياسية تدعو إلى التصدّي لكل أشكال التحريض أو التهديد لأمن الدولة.

وبحسب تصريحات مصادر من داخل المحكمة الابتدائية، فإن المراقبة الإدارية التي سيفرضها الحكم على الورغمي بعد خروجه من السجن ستشمل قيوداً على التنقل وواجب الإمضاء الدوري ومراقبة سلوكيات معينة قد تفرضها السلطات المختصة، بما يتماشى مع القوانين المنظمة لهذا النوع من الإجراءات. وتعتبر هذه المراقبة من أشد التدابير المرافقة للأحكام المتعلقة بقضايا الإرهاب في تونس.

ويثير هذا الحكم من جديد النقاش القديم المتجدد حول دور القضاء في المشهد السياسي ومدى تأثير التوترات السياسية والاجتماعية على الملفات القضائية، إذ تعتبر حركة النهضة أن العديد من القيادات تعرّضت لما تصفه بالمحاكمات السياسية، في حين تؤكد السلطات القضائية أن كل الملفات تُعالج وفق القانون بعيداً عن أي تأثيرات سياسية أو حزبية.

كما يرى محللون أن هذا الحكم سيكون له تأثير مباشر على المشهد الداخلي للحركة، خاصة على مستوى إعادة ترتيب الهياكل والهيئات التنفيذية، باعتبار أن الورغمي كان من الأسماء الفاعلة تنظيمياً. وقد يتسبب الحكم أيضاً في حالة من الارتباك داخل القواعد الحزبية، خاصة في ظل التغيرات العميقة التي عرفتها الساحة السياسية خلال السنوات الأخيرة.

وبالتوازي مع المواقف السياسية، تتجه الأنظار أيضاً إلى الطعن المتوقع تقديمه من هيئة الدفاع، حيث أكد محامون أن الحكم قابل للاستئناف وأن الفريق القانوني يعتزم تقديم جملة من المؤيدات التي يعتبر أنها قد تغيّر مسار الملف خلال درجات التقاضي اللاحقة. كما ينتظر أن يتم التعمق أكثر في فحص محتوى الاتهامات والمستندات التي بنت عليها المحكمة قرارها الابتدائي.

ويقع هذا الحكم في سياق أشمل يشمل إعادة تقييم المنظومة القانونية المرتبطة بمكافحة الإرهاب في تونس، إذ سبق لمنظمات حقوقية محلية ودولية أن طالبت بمراجعة بعض الجوانب المتعلقة بجرائم القول والتصريحات التي قد تعتبرها المحكمة تحريضاً أو تهديداً للأمن القومي، معتبرة أن بعض النصوص تحتاج إلى تدقيق يمنع أي تأويل واسع يمكن أن يمس بحرية التعبير.

ومع ذلك، يشير مختصون في القانون الدستوري إلى أن القضاء التونسي غالباً ما يوازن بين الحريات وضمان الأمن القومي، وأن الأحكام المتعلقة بجرائم التآمر على أمن الدولة تبقى من أكثر الأحكام حساسية نظراً لطبيعتها وخطورتها. كما أن تطبيق المراقبة الإدارية بعد العقوبة يعكس درجة التشديد التي تراها المحكمة ضرورية في هذه الملفات.

ومهما يكن، فإن هذا الحكم سيظل من الملفات القضائية التي ستثير نقاشاً واسعاً خلال الفترة المقبلة، سواء على مستوى المتابعين للشأن القضائي أو داخل الأوساط السياسية، في انتظار ما ستؤول إليه بقية مراحل التقاضي وما إذا كانت محكمة الاستئناف ستؤيد هذا الحكم أو قد تغيّر مساره. ويبقى أمن الدولة من أكثر المواضيع حساسية في تونس، ما يجعل كل حكم يتعلق به محل متابعة دقيقة من الرأي العام.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً