كشفت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» الأميركيتان، عن اعتقال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ثلاثةً من كبار أمراء العائلة الحاكمة في المملكة، هم أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف وشقيقه الأصغر نوّاف بن نايف، بتهمة «الخيانة العظمى»، والتي تستوجب – وفق القوانين السائدة – الإعدام.
قرارُ «الأمير الشاب» باحتجاز هؤلاء، يُعدّ فصلاً جديداً من فصول «تصفية الخصوم» داخل العائلة الحاكمة، واستكمالاً لمسلسل احتجاز عددٍ من الأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال في فندق «ريتز كارلتون»، في العاصمة الرياض، أواخر عام 2017، بحجة «فسادهم».
أراد بن سلمان، في خطوته تلك، والمدعومة من أبيه الملك، تهيئة ظروف توليه العرش، بتصفية الوجوه المنادية بضرورة كبح جماح «الأمير الشاب». ساد الظن أن بن سلمان، وبإزاحته بن نايف عن ولاية العهد وجعله تحت «الإقامة الجبريّة» (تموز/ يونيو 2017)، وبقاء عمّه أحمد في «المنفى الطوعي» وتحديداً في العاصمة البريطانيّة لندن، سيفرمل خطواته «المجنونة» والتي كسر فيها «أعراف» العائلة الحاكمة، خاصّةً أن طريق العرش بات «شبه مضمون»، مع ركون الصوت المعارض داخل العائلة الحاكمة (باستثناء عمّه أحمد) إلى الصمت، ودعم الإدارة الأميركية لخطواته، مقابل الخضوع لإملاءاتها والتي كان آخرها «صفقة القرن».
وفي تفاصيل «العمليّة»، فقد شهد «الديوان الملكي» حركةً غير طبيعية في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي. وصباح أمس، وصل عناصر مقنّعون من «الديوان» بملابس سوداء، إلى منازل الأمراء الثلاثة، واقتادوهم إلى أحد المعتقلات، بالتزامن مع حملة تفتيشٍ دقيقٍ طاولت منازلهم.
عُقدت الآمال على أحمد بن عبد العزيز ومنعه تسلّم محمد بن سلمان الحكم
المعتقلون هم أحمد بن عبد العزيز، الأخ الأصغر للملك سلمان، وعمّ ولي العهد. لفترةٍ وصف بـ«الأمل الأخير» لعددٍ من أفراد الأسرة الحاكمة، إلى جانب المعارضين لسياسة بن سلمان، والذين أملوا أن يمنع أحمد صعود ابن أخيه لتسنّم مقاليد الحكم. لم يبدِ الأمير المعتقل في الآونة الأخيرة أي علاماتٍ من شأنها أن تُفسّر محاولة انقلابٍ على الملك أو وليّ عهده. رغم ذلك، أثارت مواقفه شكوك ولي العهد الذي أصدر أمر احتجازه، في خطوةٍ عُدّت «كسر عرفٍ»، كونها المرة الاولى التي يمس فيها بن سلمان، بأحد أعمامه من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، علماً بأن وصوله إلى طريق وراثة العرش اقتضى إزاحة عمه الآخر مقرن بن عبد العزيز عن ولاية العهد. وجرى التداول في معلومات قبل أشهر مفادها أن «أحمد، الذي كان في بريطانيا، عاد إلى السعودية بضمانة من الاستخبارات الأميركية». وجرى أمس طرح سؤال عن «صفقة ما» بين بن سلمان والإدارة الأميركية، والتي تخلّت عن أحمد بن عبد العزيز و«سلّمته» إلى وليّ العهد، ليضمن بذلك وصوله إلى العرش قريباً.
كذلك، كان بارزاً اعتقال محمد بن نايف، ولي العهد السابق والذي أزاحه بن سلمان قبل 3 سنوات. يومها، نزل بن سلمان مقبّلاً يد ابن عمّه، في لحظة «تنحيته»، قبل أن يرغمه على «الإقامة الجبريّة» وقطع أي اتصالٍ مع الخارج. بن نايف، كان الظنّ بأنّه «عصيٌّ على الكسر» مع شغله مناصب رفيعة (وزارة الداخليّة) وقربه من الإدارة الأميركية، لكن وفي عام 2017، وبعد اعتقاله وعجزه عن القيام بأي «ردّ الفعل» ثبُت أنّ «كسره» كان سهلاً، وسهّل أيضاً إطلاق مسلسل الاعتقالات في «الريتز»، من دون أن يخرج من يعارض قرارات «الأمير».
كذلك، كان من المعتقلين شقيق بن نايف الأصغر، نوّاف، من دون إيضاح السبب الكامن وراء اعتقاله.