نماذج من تصريحات بورقيبة أمام قاضي التحقيق العسكري الفرنسي “دي غيران دي كايلا” بعد أحداث 9 أفريل لسنة 1938

نماذج من تصريحات بورقيبة أمام قاضي التحقيق العسكري الفرنسي “دي غيران دي كايلا” بعد أحداث 9 أفريل لسنة 1938:

جلسة الاستنطاق بتاريخ 12 أفريل 1938

لم يصدر عنّي أي اعتبار للدعوة إلى الثورة، وأضيف أنّه لا يمكن أن أكون قد دعوت إلى الثورة حيث أنّ حزبي يعتمد في مطالبه على رضا الحكومة الفرنسية وتأييدها.. على أنّ فلسفتنا تناهض استعمال الطرق العنيفة. إنّنا سعينا دائما في سبيل خير السكان التونسيين عن طريق التوفيق بين ما يطمحون إليه، وبين ما لفرنسا في هذه البلاد من امتيازات هي غير مطروقة في اجتماعاتنا وغير منازع فيها.

يوم 9 ماي 1938

سؤال: لقد صرحتم في 12 أفريل 1938 بقولكم إنّ فلسفتنا تناهض استعمال الطرق العنيفة.. كيف تفسرون إذن الحوادث الدامية التي وقعت يوم 9 أفريل بعد الظهر؟

جواب: إنّ هذه الحوادث وقعت خارجا عن الحزب وذلك أنّ بعض الأشخاص ذهبوا يظهرون تعلقهم بعلي البلهوان الذي هو ليس حتى عضوا في الديوان السياسي.

يوم 15 جوان 1938

سؤال: ايمكنكم أن تبيّنوا لنا ماهي أهداف الدستور؟

جواب: أهداف الدستور هي إنهاء الوضع المجحف الذي لا يتناسب مع الوضع الذي اقتضته معاهدة باردو، وخلق حركة فكرية سعيا وراء العودة إلى هذه الروح القائمة على الملاءمة بين المصالح والقاضية بوجود حكومة تونسية لها إلى جانبها ممثل لفرنسا مهمته المراقبة.

سؤال: وبرنامجكم هل يطبق في مرحلة واحدة أم هو يشتمل على مراحل؟

جواب: في تصورنا إن ما ذكرته يكون على مراحل. والمرحلة الأخيرة هي بالفعل بلاد تونسية ممتلكة لنواصي مصيرها تعيش في فلك فرنسا. وهذا البرنامج شرعت في تنفيذه محاولا في بادئ الأمر شرح النقطتين التاليتين:

1- إفهام فرنسا أنه ليس لديها موجب للاحتراز منا.

2- إفهام مواطنيّ أنّه يجب عليهم تعديل مشاعر الاستقلال التي هي من طبع البشر وأنّه من مصلحتهم العيش في فلك فرنسا. وأقرّ لكم بأنّي وجدت مشقة في إفهام ذلك سواء لبني جنسي الذين اتهمني البعض منهم بالإفراط في الميل لفرنسا أو للفرنسيين أنفسهم.

سؤال: إذا كنتم من أنصار التقارب بين الفرنسيين والتونسيين فما هي الأسباب التي من أجلها شنّ حزبكم الكفاح ضد اعتناق الجنسية الفرنسية؟

جواب: إنّي اعتبر أنّ التقارب والاندماج ليسا شيئا واحدا، والمسلم حسب نص القرآن لا يبقى مسلما إذا تجنّس.

إنّي من أعداء الاستقلال الكامل المطلق للبلاد التونسية إذا كان يفضي إلى عزلة البلاد التونسية وإلى القطيعة مع فرنسا. إنّي أحبّذ دائما وجود صلة بوسعها أن تتطور خلال ذلك التعاون الذي نطالب به في صلب الحماية.

8 فيفري 1939

أريد أن أبسط عليكم مثالا محسوسا دالا على اعترافي بما لفرنسا من أياد بيضاء على هذه البلاد، وصورته أنّي كنت قد ألقيت في ماي سنة 1937 خطابا توجهت به إلى الشعب في شأن الكتابات التي فيها ثلب لفرنسا والتي قد وجدت على بعض حيطان المدينة. وأنهيت الخطاب بأن هتفت مدوّيا: لتحيا فرنسا.. وحملت الشعب على أن يهتف لها أيضا. ورغب مني السيد بونالدي قنصل فرنسا أن ألخص له خطابي كتابة كي يبعث به إلى إحدى الجريدتين الصباحيتين، ففعلت ولكن مع الأسف لم تنشر الجريدتان ذلك التلخيص.

17 فيفري 1939

إنّي أؤكد من جديد أنّه لم يخطر ببالنا في أي وقت من الأوقات فكرة الإطاحة بالنظام أو بالحكومة. وفعلا بينما ينص الفصل الأول من معاهدة باردو في الفقرة الثانية منه على إمكانية أو احتمال انتهاء نظام الحماية، ذهبنا نحن إلى أبعد من ذلك وقلنا إنّ البلاد التونسية سوف تكون دائما في حاجة إلى حماية فرنسا بموجب معاهدة باردو، أو بدونها، وبموجب نظام حماية أو بدونه.

“من كتاب ” قرن من السقوط السياسي في تونس” الصادر، باللغة الفرنسية Un siècle de déchéance politique en Tunisie وموضوع الكتاب يتعلق بمنهج “الاختراق الفرنسي” لتونس عبر الحزب الذي “قاد معركة الاستقلال”، وحول التحكم البوليسي والزعامات “الكاذبة” منذ استقلال تونس حتى اليوم. واستند الكاتب في ذلك إلى قراءة جديدة للوثائق والبحوث التاريخية، للكاتب الدكتور خالد المنوبي أستاذ الاقتصاد السياسي.”

Exit mobile version