يبدو أن تونس تسابق الزمن كي تكون المختبر الأول للتغييرات السياسية، إذ لم تنتظر النخب السياسية ووسائل الإعلام خروج البلاد من الحجر الصحي، واندفعت في دوامة جدل ساخن، بدأت بحملة مجهولة المصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بحل البرلمان والحكومة. وفي مرحلة لاحقة ظهرت مطالب بتغيير النظام السياسي البرلماني برئاسي. ويرصد المراقبون التقاءًا غير مسبوق بين توجهات شعبوية ثورية وأخرى مؤيدة للنظام السابق، حول الدعوة إلى تنظيم استفتاء شعبي لتغيير نظام الحكم. ويرى أصحاب هذه الدعوات أن تغيير نظام الحكم يعد وسيلة ناجعة لحل أزمة الحكم القائمة بسبب صراع الرئاسات الثلاث: رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
ولا يُخفي الرئيس سعيّد نواياه في تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، بل انه يدعو إلى تغيير بنية الحكم من تمثيل برلماني إلى نظام مجالسي قائم على قاعدة انتخاب فردية محلية، ينبثق منها مجلس تشريعي. ويشبه في ملامحه ما يطلق عليها “الديمقراطية الشعبية” في بعض الدول الأوروبية، بينما يصف منتقدو الرئيس سعيّد بأن فكرته تشبه نظام “اللجان الشعبية” للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي!
ويبدو أن بعض خصوم حزب “النهضة” يرون في هذا الاتجاه خطوة حاسمة لإضعاف دور الحزب الإسلامي، القوة الأولى في البرلمان ورئيسه راشد الغنوشي. ويعتقد عصام الشابي زعيم الحزب الجمهوري المعارض، وأحد أبرز منتقدي حزب النهضة، في حوار له مع إذاعة “شمس” التونسية، بأن حملة المطالبة بتغيير نظام الحكم في الوقت الراهن هي “محاولة من قوى فشلت في الانتخابات لتحقيق ما لم يمكنها تحقيقه عبر صناديق الاقتراع”.