أكّد عدد من الخبراء والمهندسين بالشركة التونسية للخدمات المنجمية بالكاف (TMS)، ، أنه لا وجود إطلاقا لمناجم من الذهب بهذه الجهة، خلافا لما ورد في التقرير الختامي الشامل لهيئة الحقيقة والكرامة لسنة 2018 ، ولما أعلنت عنه رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين، خلال ندوة صحفية انعقدت مؤخرا، لتقديم هذا التقرير، خاصة في جانبه المتصل بتوفر معدن الذهب بمناجم في الكاف.
وفسّر المختصون وهم أستاذ جامعي وخبير في قطاع المناجم ومهندسة في معالجة المعادن ومهندس مناجم (وقد خيروا عدم الإفصاح عن هوياتهم) أن المادّة الموجودة في جهة الكاف لا تعدو أن تكون سوى مادة ‘البيريت’ أو ما يسمى بـ’ذهب المجانين’ التي تعرف بتركيبتها الكيميائية ( FeS2 )، خلافا لمعدن الذهب المعروف كيميائيا بالرمز
وأوضحوا في لقاء مع وكالة تونس افريقيا للأنباء أن استخراج مادة البيريت وفصلها عن معدني الرصاص والزنك الموجودين في نفس الحجارة الخامة، يتكلف باهضا لأن هذه العملية تستوجب استعمال كواشف كيميائية تتميز بدورها بغلاء ثمنها وتخضع لعمليات معقّدة تتمثل أساسا في تكسير الحجارة ورحيها ثم فصلها وتعويمها للحصول على حبيبات كل مادة على حده.
وأكدوا، في ذات السياق، أن التواجد المكثف للبيريت الذي يدخل في تركيب بعض الصخور الرسوبية، ويتميز بلونه الأصفر وبريقه المعدني، يخفّض من مردودية إنتاج الرصاص والزنك التي يتم تصديرها إلى الخارج وخاصة البلدان الأوروبية.
ويتم التخلص من البيريت لأنه عديم الجدوى وغير صالح للاستعمال في أي مجال، باستثناء تحضير حامض كبريت الحديد. وبحسب المصادر نفسها، فإن معدن البيريت يتحلل بسهولة ويتأكسد وبالتالي لا يستخدم حتّى في المجالات البنائية نظراً لسهولة تأكسده الذي يؤدي إلى تفتت الصخر.
والبيريت، إسم مشتقّ من اللغة اليونانية، ويرمز إلى ما يعرف بـ “حجر النار” نظرا لأنه إذا ما احتكت قطعتان منه فإنهما تولدان شرارة.
وقد أدت تصريحات بعض السياسيين وغير المختصين العارفين بأنواع المعادن في انتشار معلومات حول امتلاك تونس لمناجم من الذهب، يتمّ التستّر عليها، وفق تقديرهم، وذلك لعدم قدرتهم على التمييز بين الذهب الحقيقي والذهب الزائف أو ما يعرف ب”الذهب الكاذب” أو “ذهب المجانين” (or des fous).
وتفند بالتالي المعطيات التي قدّمها الخبراء، وهم من أصيلي جهة الكاف، ما ذكرته الهيئة حول اختفاء كل أثر يتعلق بمنجم الذهب وتضع حدّا للأخبار التي روجت بحسب قولهم.
وكان جاء في التقرير الختامي الشامل لسنة 2018 أنه : ” من خلال دراسة للوثائق المتوفرة لدى الهيئة بالأرشيف الرئاسي تبيّن توفر مناطق بالشمال الغربي للبلاد التونسية على مناجم من الذهب، ورغم الأهمية المادية للاكتشاف إلا أننا لم نتوصل بما يفيد أن المالية العمومية استفادت بمداخيل في هذا المجال”.
وأضاف ذات التقرير أنه سيقع تدعيم مضمونه بملاحق ووثائق توضيحية في اجال قريبة، الشيء الذي لم يحصل الى حد الساعة.
وتعالت أصوات من مكونات المجتمع المدني وبعض الأطراف السياسية تطالب بالكشف عن هذا الملف ومنادية بالكف عن سياسة التعتيم حول ثروات البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن جهة الكاف تزخر بالمواد الإنشائية والمنجمية ومنها بالخصوص المواد الكلسية والطينية والرملية والجبسية التي يمكن تثمينها لتطوير القطاع في هذه الولاية التي تعدّ أكثر من 20 منجما جلّها توقف عن العمل بسبب نفاذ المدّخرات أو الكلفة الباهضة للاستثمار في استغلالها.