عاش النادي الافريقي في الآونة الأخيرة على وقع تقلّبات مثيرة وتطورّات كبيرة هزّت أركان وجدران القلعة الحمراء وطغت على كلّ الكواليس المحيطة بالنادي بما فيها المباراة المنتظرة أمام قاهر الافريقي تي بي مازمبي الذي استحوذ على كلّ العناوين الرئيسية منذ سقطة الثمانية.
وبعيدا عن موقعة الليلة وما قد تحمل في باطنها من عناوين منتظرة لجماهير الأحمر والأبيض بما فيها تلك المتعلّقة بردّ الاعتبار للقميص والشعار مازال الحديث عن اجتماع الهيئة المديرة الأخير وما تبعه من قرارات يستحوذ على اهتمام الانصار خاصة بعد الطريقة التي تعاملت بها هيئة عبد السلام اليونسي مع طبيعة الظرف الراهن وما يملي من خطوات ومع سقف انتظارات الجماهير التي كانت تترقّب بكلّ شغف وحذر ما سيتمخّض عنه اجتماع الهيئة التي كانت مهّدت لجلستها ببلاغ مقتضب توعّدت فيه كلّ المتورطين في “فضيحة” مازمبي من لاعبين ومسؤولين قبل أن تتحفنا ببلاغ ثان بعد منتصف الليل جاء مليئا بالتسميات والتعيينات بعيدا عن لغة المحاسبة وسياسة التهديد والوعيد التي بشرّت بها هيئة اليونسي.
سكت دهرا ونطق كفرا…
يُعاب على عبد السلام اليونسي رئيس النادي الافريقي صمته المريب وغيابه الدائم والمتواصل على الواجهة وعن صدارة الأحداث ويُلام عليه كذلك كثيرا بسبب أسلوبه العقيم في التواصل مع محيطه القريب والبعيد وبما أنّه رئيس النادي الافريقي فمن الطبيعي أن يكون الرجل على فوهة الانتقادات طالما أن صمته مستفز وخطابه مشمئزّ… غير أنّ التطورات الأخيرة الحاصلة في النادي وما حملت من تهديدات لديمومة واستقرار الهيئة الحالية خرج اليونسي مجبرا الى العلن وقال ما لم يقل وتوعّد بمحاسبة كلّ المتقاعسين وردّ الاعتبار للجمعية بعد “النكسة” الأخيرة وانتظر الجميع ما سيفرج عنه اليونسي في اجتماعه الأخير خاصة أن كلّ التسريبات كانت توحي باتخاذ قرارات هامة ومفصلية في تاريخ النادي وفي تشكيلة الهيئة الحالية لكن الرئيس سكت دهرا ثمّ نطق كفرا وأفرج عن بلاغ بعد منتصف الليل جاء قاتما أسود كعتمة الليل لم يشف غليل الأنصار ولم يحمل أيّة أخبار من كلّ الوعود التي ساقها في وقت قريب…
كلّ القرارات التي تضمنها البلاغ لم تحمل أيّة عقوبات أو إقالات أو حتى مجرّد تلميحات بتسليط عقوبات سواء على اللاعبين أو بعض أشباه المسؤولين والغريب في الأمر أنّ الاجتماع وكما تناهى الى مسامعنا تضمّن فعلا قرارات هامة وعقوبات واسعة لكن بين ليلة السبت وليلة الأحد تغيّرت كلّ المعطيات فقد خاف الرئيس عبد السلام فابتلع كلّ القرارات ونام…
ماذا حصل في ليلة السبت؟
الهيئة المديرة للنادي الافريقي اجتمعت ليلة السبت الماضي مثلما أعلنت عن ذلك في بلاغها الأوّل المقتضب وقد استمرّ الاجتماع ساعات طويلة وبعد نقاشات وجدال مستمر استقر الرأي عند الجماعة على التضحية ببعض الرؤوس لامتصاص غضب الجماهير التي كانت تنادي وتنتظر ما سيسفر عنه الاجتماع. وحتى تكتمل الصورة في ذهن القارئ سنكشف كلّ الذي حصل خلال تلك الليلة بالتفصيل الممّل.
رئيس النادي الافريقي كان صريحا مع أعضاء هيئته المديرة وقال إن الجماهير تلاحقه من مكان الى آخر وتنادي بطرد بعض “وجوه النحس” مثلما أسماها والمقصود هنا نائب الرئيس مجدي الخليفي الذي كان على رأس قائمة المطالب. اليونسي قال إنه متمسك بكلّ معاونيه وأن الظرف لم يعد يحتمل وأنّه لذلك لا بدّ من الإصغاء لصوت الجماهير وتقديم تضحيات. الاسم الثاني المطلوب كان اسم خليل محجوب وكذلك رئيس فرع كرة القدم حمزة الوسلاتي… بالنسبة للأخير فقد اعترف بتقصيره في مهمته وقال إنه يفتقد الخبرة اللازمة ولا يعارض تجميد نشاطه أو إلحاقه بحقيبة أخرى وهو نفس موقف خليل محجوب الذي قال إنه لا يمانع التجميد إذا كان ذلك سينقذ الهيئة ويمدّد إقامة اليونسي على رأس النادي وبقي الإشكال الوحيد يتعلقّ بمجدي الخليفي الذي رفض الاقالة وأن يكون كبش فداء يحمل بمفرده وزر أخطاء الهيئة المديرة.
وبعد نقاش مستفيض وجدال طويل بلغ الى حدّ التلاسن بين الخليفي والوسلاتي اللذين تراشقا بالتهم اتفق الجماعة على صيغة ترضي كلّ الأطراف وهي أن يستبق الخليفي قرار الاقالة ويظهر في إذاعة موزاييك مساء يوم الأحد وتحديدا في برنامج “ريكاب سبور” ويُقدّم اعتذاراته لجماهير الافريقي ثمّ يُعلن انسحابه من النادي بسبب الضغوط المسلطة عليه وبعدها بوقت قليل تفرج هيئة الافريقي عن بلاغها المنتظر وتعلن عن تعيين رشيد الزمرلي ناطقا رسميا للفريق عوضا عن كمال خليل الذي تمّ العدول عن تسميته في تلك الخطّة ودفعه الى رئاسة اللجنة القانوينة بعد ضغط جانبي من بعض صفحات الافريقي وبعض الارساليات القصيرة التي احتلت هاتف الرئيس. إضافة الى ذلك تقرّرت معاقبة كلّ اللاعبين بخصم 50 في المائة من جراياتهم مع إحالة البعض منهم على مجلس التأديب بتهمة التخاذل لمصلحة الرئيس السابق سليم الرياحي (نتحفّظ على ذكر أسماء اللاعبين). وكانت هذه القرارات المنتظرة هي التي تهمّ جماهير الافريقي بالأساس قبل الحديث عن بقيّة التسميات الصورية والشكلية لكن لا شيء من ذلك حصل وتغيّرت كلّ المعطيات وفوجئت جماهير الفريق ببلاغ بلا نقاط تماما كفضيحة مباراة مازمبي التي كانت بلا طعم ولا رائحة ولا نقاط… فما الذي حصل يوم الأحد حتى يبتلع اليونسي قراراته ويجهض أحلام الجماهير؟
فاقد الشيء لا يعطيه…
سارت الأمور على أحسن وجه وانفض الاجتماع الليلي بالتوافق مثلما يحصل في جنبات البرلمان لكن وعلى غرار ما يحصل تحت تلك القبّة الصاخبة جاءت الطعنات من الخلف فتراجع مجدي الخليفي عن تلاوة بيان الاستقالة رافضا أن يكون الضحيّة بل أكثر من ذلك فقد هدّد بكشف المستور وفضح تجاوزات الهيئة وهو ما جعل اليونسي يرضخ لهذه التهديدات ويعدّل ساعته ومواقفه ويختار الخنوع والخضوع… اليونسي لم يكتف بمحو هذه النقطة من بلاغه المرتقب بل أعاد تسمية كمال خليل في خطة الناطق الرسمي بعد أن وصفه الأخير في تدوينة على صفحته على فايسبوك بصاحب الأيادي المرتعشة التي لا تصنع التاريخ فكان الحلّ الأمثل لليونسي لتفادي معارض جديد هو ضمّه الى هيئته العرجاء بطبعها.
وبما أنّ الخليفي تمرّد على قرارات الرئيس كان لزاما على اليونسي تجنّب الصدام مع بقيّة الأعضاء ونعني حمزة الوسلاتي وخليل محجوب فألغى النقطة المتعلّقة بالإقالات برمّتها من بلاغه وتغاضى كذلك عن الدخول في مواجهة مفتوحة مع اللاعبين فأجّل محاسبتهم الى ما بعد مباراة مازمبي واكتفى في الأخير بتوسيع تركيبة الهيئة المديرة وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.
ما حصل بين السبت يومي والأحد يكشف للمرّة مليون حقيقة التركيبة الذهنية والنفسية لرئيس النادي الافريقي الذي يمتهن المناورة ويُتقن لعبة الكواليس لكنه يخشى المواجهة ولا يملك مواصفات القيادة ونواميس الرئيس… ما يحصل حاليا في النادي الافريقي ليس مشكل مال أو قلّة رجال ولكنه نتيجة غياب ربّان يُحكم قبضته على قمرة القيادة… ربّان يقول كلمته بالصوت العالي ولا يُهان… ربّان يبحر بسفينته في عزّ الهيجان فالموج الهادئ لا يصنع شجعان والنادي الافريقي مارد هادر وبركان ثائر يخفي وراءه بركان… والرئيس الحالي شخص مسالم لا يتحرّك ولا ينتفض الاّ بعد فوات الأوان …
البلاغ
نظرا للظروف العامة التي تحيط بالنادي الإفريقي والتي تحول دون أن يحقق الفريق النتائج التي تنتظرها جماهيره العريضة فإن الهيئة المديرة للنادي الإفريقي وبعد اجتماعها يوم السبت قرّرت ما يلي:
أولا:
تقرر أن يتم وضع فرع أكابر كرة القدم تحت الإشراف المباشر لرئيس النادي.
ثانيا:
ـ تكوين لجنة تتولى الترتيب لعقد جلسة عامة تقييمية وجلسة عامة خارقة للعادة (تنقيح القانون الأساسي ) وبناء على نتائج الجلستين ستتحدد العديد من المسائل بناء على إرادة المنخرطين .
ثالثا:
ستواصل الهيئة المديرة خلال الفترة القادمة توفير الموارد المالية من أجل تسديد ديون النادي المستعجلة والتي قد يتسبب عدم خلاصها في تسليط عقوبات رياضية جديدة على الفريق لازالت تهدّد مستقبله الرياضي بشكل جدّي.
علما أن أغلب الموارد قد خصصت إلى حد الآن لخلاص ديون قديمة وذلك لتجنب عقوبات رياضية وخيمة . وقد أثر ذلك على عدم إنجاز العديد من الأولويات الضامنة لتحقيق النتائج الرياضية المأمولة والإستقرار الإداري المطلوب
رابعا:
استكمال أشغال تهيئة البنية التحتية للنادي والحرص على إنهاء الأعمال في أسرع وقت ممكن حتى يعود الفريق إلى التدرب في مركب النادي.
خامسا:
تعيين
-السيد نزار بركوتي: في خطة كاتب عام.
– السيد كمال بن خليل: في خطة ناطق رسمي
-السيد ماهر زعتور في خطة منسق عام للجنة الأحباء والروح الرياضية للاشراف على تجديد خلايا الأحباء إلى حين تعيين رئيس للجنة.
كما تقرر تعيين إطارات مختصة مشهود لها بالكفاءة تكون متفرّغة بالكامل للعمل الإداري صلب النادي و في هذا الصدد تم تعيين:
– السيد رضا كريم: مكلفا بالعلاقات مع الهياكل الرياضية المحلية و الدولية و إعادة هيكلة الإدارة.
السيد المنذر الشواشي: مكلف بالإعلام.
هذا بالإضافة الى:
– تدعيم اللجنة القانونية بكفاءات في مجال القانون الرياضي سيتم الإعلان عنها لاحقا.
– تعيين السيد كمال القلصي مديرا فنيا للشبان و التنسيق مع فرع الاكابر.
– تدعيم الإدارة الفنية لمختلف الأصناف مع إعطاء الأولوية لأبناء النادي متى توفرت الكفاءة .
ختاما ، نشير إلى ان قرارات هامة أخرى سيتم الإعلان عنها بعد المباراة التي ستجمعنا بفريق مازمبي خلال الاسبوع المقبل.
الشارع المغاربي