نصرالدين السويلمي
لا يحق للمحامي أن يطلق النار على السارق، عليه الاجتهاد للبحث عن بدائل أخرى من خارج حلول الكرطوش، عليه انتهاج الأسلوب الدارج في البلاد، أسلوب الترضية والمساومة والحوار ثم الحوار للوصول إلى أرضية مشتركة، لا يعود السارق فيها بخفي حنين ولا يتضرر صاحب البيت بشكل كبير، المهم ان لا يتم حسم الامر بواسطة البارود، والا ذهبت سنة حميدة وتوسعت في البلاد، وأصبحت تونس من الدول التي تطلق النار على السرّاق وهذه سابقة ستؤسس لما بعدها، لذلك لا يمكن السكوت عنها، وهي المبادرة التي تحمل دلالات بليغة، حيث لم تكتف عملية القنص بتكسير حاجز قنص السراق، بل تعدتها الى انخراط رجال القانون “محامي” في عمليات القنص، وإذا ما جمعنا شمل الصورة وقمنا بعرضها على المجتمع، أصبحنا في حضرة قانون يمكنه اطلاق النار على لصوص الثروات المنزلية، الأمر الذي سيتوسع ليشمل لصوص الثروات الوطنية، وعليه وحتى يتسنى حماية الكفاءات اللصوصية، لابد من إلحاق أقصى العقوبات بالمحامي الذي دافع عن منزله وأهله وماله بجدية ودون مراعاة الجانب الاخر، وحتى قبل ان يستفسر عن دوافع السرقة وإن كانت لغايات نبيلة تعود على المصلحة العامة بالفائدة، ام لغايات فردية أملتها الفاقة.
حتى بعد حادثة المحامي واللص، من المستبعد إقرار مبدأ الحسم المسلح مع السراق، مازالت تفصلنا مسافة زمنية معتبرة حتى يتم الاعتراف بتصفية اللصوص وتقنين عمليات القنص، فكبار السراق الذين رفضوا الثورة ورفضوا الانتقال الديمقراطي ورفضوا الشرعيات المتتابعة ورفضوا تأسيس المحكمة الدستورية.. لن يقبلوا بالتأسيس لمبدئ الكرطوش ضدهم، ما زالوا يعولون على المقايضة والضغط وحق اللص في أخذ فرصته كاملة مع ضمان حق الفرد المسروق او الوطن المسروق في الاحتجاج بطرق سلمية بعيدا عن منطق العنف المسلح.. لديهم قناعة مزعجة أن قنص عوام اللصوص سيؤدي مع الزمن الى قنص خواص اللصوص، وإذا ما خرج الأمر عن السيطرة، سيتحول مسرح العمليات من بهو البيت الى بهو البنك.
هم لا يخشون عن عوام سراقنا، هم فقط بصدد حماية خواص سراقهم، لكنهم يجهلون اننا نخطط لافشاء قنص لصوصنا ما وراء البلاكات، ثم نحمل تلك العادة إلى نواديهم الثرية، تماما كما حملنا لهم سبعطاش ديسمبر، حين داهمتهم في عقر فسادهم، فشرّدت بهم من خلفهم..قادمون لإقرار خيار الكرطوش في حق اللصوص، فقط وفق مبدأ التوزيع العادل لموارد القانون، من كانت سرقته بني بني، فيواجه بالكرطوش بني بني، ومن كانت سرقته ثقيلة وازنة، فعلاجه يكون مباشرة بالذخيرة الحية.. ركز على مقاتلهم يا عبد الله، فكبار اللصوص يحسنون المناورة ضد ذخيرة الفقراء.