نقلت قناة “ليبيا الأحرار” عن مصدر في حكومة الوفاق، قوله إن الإدارة الأمريكية طالبت القوات المسلحة التي يقودها المشير خليفة حفتر، بالوقف الفوري للتحركات العسكرية باتجاه العاصمة طرابلس والعودة إلى مواقعها السابقة. وبحسب ما نقلته قناة ليبيا الأحرار عن مصدر في حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، أكدت الإدارة الأمريكية في رسالة موجهة إلى حفتر؛ أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في ليبيا، وأنهم لا يدعمون العملية العسكرية التي يقوم بها.
وجددت واشنطن وفق نص الرسالة الموجهة لحفتر؛ دعمها للمبعوث الأممي غسان سلامة لكسر الجمود السياسي في ليبيا، محملة مسؤولية التهدئة والعودة إلى المفاوضات السياسية لجميع الأطراف. وفي ليبيا عشرات المليشيات المتصارعة وحكومتان تتنازعان السلطة: الأولى حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا ومقرها طرابلس ويديرها فايز السراج، والثانية حكومة موازية بقيادة عبدالله الثني في شرق البلاد يدعمها “الجيش الوطني الليبي” ويدعمها المشير خليفة حفتر.
وقد بدأ “الجيش الوطني الليبي” الخميس هجوماً بهدف السيطرة على طرابلس. وأمر السراج القوات التابعة للحكومة وحلفاءها من الفصائل بالتصدي للقوات المهاجمة. وتقدم مقاتلو حفتر في اتجاه غرب البلاد، وسيطرت قوات موالية مساء الخميس على حاجز كوبري 27 العسكري الواقع على بعد 27 كلم من البوابة الغربية لطرابلس، لكن قوات موالية للحكومة طردتهم فجر الجمعة بعد “اشتباك قصير”، بحسب ما أفاد مصدر أمني في طرابلس. وأوضح المصدر أنه تمّ أسر عشرات من مقاتلي حفتر ومصادرة آلياتهم.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، زار السراج، برفقة قادة المنطقة الغربية، الحاجز الذي سيطرت عليه قواته في موكب مؤلف من نحو عشرين آلية، بينها شاحنات مزودة مضادات للطائرات. وتبادل السراج بشكل مقتضب أطراف الحديث مع المسلحين على الحاجز قبل أن ينطلق باتجاه طرابلس. وليل الجمعة تمكنت قوات حفتر من الوصول إلى مطار طرابلس الدولي الواقع على بعد نحو 30 كلم جنوب طرابلس والموضوع خارج الخدمة منذ دمر في اشتباكات دارت فيه خلال العام 2014. وأكد وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا في تصريح لتلفزيون “ليبيا الأحرار” أن قوات حفتر تمكنت من السيطرة على المطار لفترة وجيزة قبل أن تطردها منه القوات الموالية لحكومة الوفاق. وقال باشاغا “القتال يدور حاليا في منطقة قصر بن غشير” الواقعة جنوب المطار.
بالمقابل أكد الناطق باسم قوات حفتر اللواء أحمد المسماري إحراز “تقدم مهم” الجمعة، معترفا في الوقت نفسه بالانتكاسة التي تعرضت لها قواته صبيحة اليوم نفسه حين خسرت الحاجز العسكري الذي كانت سيطرت عليه مساء الخميس والواقع على بعد 27 كلم غرب طرابلس، في هزيمة أُسر خلالها أيضاً بحسب المتحدث 128 من جنود “الجيش الوطني الليبي”. وأعلن المسماري أن المعارك الدائرة منذ الخميس أسفرت عن سقوط خمسة قتلى في صفوف الجيش الوطني الليبي، مؤكدا أن قتالا يدور على جبهة أخرى قريبة من طرابلس هي منطقة العزيزية التي تبعد 50 كلم جنوب غرب طرابلس. ودعا وزراء خارجية الدول الصناعية السبع الكبرى الجمعة إلى “وقف فوري لكل التحركات العسكرية نحو طرابلس”. وقال الوزراء المجتمعون في دينار بشمال غرب فرنسا في بيان مشترك “نحض كل الأطراف المعنية على وقف فوري لكل الأنشطة والتحركات العسكرية نحو طرابلس، والتي تعرقل آفاق العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وتعرض أرواح مدنيين للخطر وتطيل أمد معاناة الشعب الليبي”.
وإذ شدد وزراء خارجية كلّ من الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا واليابان في بيانهم على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الليبيـ أكدوا أنهم “يعارضون أي عمل عسكري في ليبيا”. وقال كل من مضيف الاجتماع وزير الخارجية الفرنسية جان-إيف لودريان ونظرائه الستة إن “كل فصيل أو طرف ليبي يؤجج الصراع الأهلي إنما يلحق ضررا بأبرياء ويعرقل السلام الذي يستحقه الليبيون”. وجدد الوزراء دعمهم التام لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة في البحث عن حل سلمي للنزاع في هذا البلد. من جهته قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الجمعة “نعتبر أن الأمر الأكثر أهمية هو ألا يؤدي أي عمل الى حمام دم جديد” في ليبيا. وكانت واشنطن وباريس ولندن وروما وأبوظبي دعت الخميس “جميع الأطراف” الليبيين الى احتواء “التوتر فورا”.
كما أعربت كندا وتونس عن قلقهما حيال الأوضاع، في حين دعت ألمانيا إلى إنهاء “العمليات العسكرية على الفور”. ومن المقرر عقد مؤتمر وطني ترعاه الأمم المتحدة منتصف أبريل/نيسان في غدامس (جنوب غرب) بهدف وضع “خارطة طريق” تلحظ خصوصا إجراء انتخابات. ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في الأعوام الأخيرة في تحقيق اختراق فعلي من أجل حل سياسي. وإضافة إلى شرق البلاد، يسيطر حفتر على أجزاء في الجنوب الليبي الذي يعد منطقة صحراوية واسعة ومهمشة، وخصوصا مدينة سبها وحقل الشرارة النفطي الكبير.