تحويل الصناعة الدفاعية الفرنسية إلى اقتصاد حرب: تسريع إنتاج المدافع والذخائر الثقيلة

تحليل وسياسات دفاعية
كيف تُحضّر فرنسا نفسها لاحتمال مواجهة كبرى مع روسيا؟ ميزانية قياسية، تسليح أسرع، ودفاع جوي متطور
1) إنفاق دفاعي تاريخي: من «LPM 2024–2030» إلى هدف 64 مليار يورو في 2027
تبنّت فرنسا قانون البرمجة العسكرية LPM 2024–2030 الذي يوفّر تمويلاً تاريخيًا قدره
413 مليار يورو لإعادة بناء القدرات الدفاعية وتحديثها على مدى سبع سنوات. النصّ الرسمي يؤكد ذلك
عبر وزارة الجيوش الفرنسية و«ليجيفرانس»، بما يشمل تمويل الردع النووي، ورفع جاهزية القوات، وتطوير سلاسل الإمداد
والإنتاج. يمكن الاطلاع على التفاصيل في صفحة وزارة الجيوش،
وكذلك في النص القانوني على «ليجيفرانس»،
وشرح إضافي في البوابة الحكومية الفرنسية.
علاوة على ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يوليو/تموز 2025 مضاعفة ميزانية الدفاع مقارنة بعام 2017
لتبلغ نحو 64 مليار يورو في 2027، مع إضافة 6.5 مليارات يورو خلال 2026–2027
فوق المسار الأصلي، وهو ما وثّقته وزارة الجيوش في خطاب «فندق بريين»، إلى جانب تغطيات مستقلة مثل
Associated Press
وفايننشال تايمز.
راجع أيضًا نص الخطاب الرسمي.
2) تسريع الصناعة: من «اقتصاد حرب» إلى مضاعفة الذخائر والمدفعية
الدرس البارز من حرب أوكرانيا هو أن معدل الاستهلاك للذخائر يفوق التخطيط السلمي بكثير. لذلك،
دفعت باريس صناعتها الدفاعية نحو نمط إنتاج أسرع: KNDS/Nexter رفعت إنتاج أنظمة
CAESAR ومدخلات الذخيرة عيار 155 ملم، فيما كانت الحكومة قد أعلنت
منذ 2023 نيتها مضاعفة/تثليث وتيرة تسليم القذائف شهريًا. راجع
Defense News.
في 2025، أكدت KNDS بدء إنتاج تسلسلي لنسخة CAESAR 8×8 وتوسيع
الشراكات الأوروبية (التشيك، بولندا) مع أهداف طموحة للطاقة الإنتاجية في الذخائر الثقيلة، كما في بيانات
الشركة حول IDET 2025
وخطة 200 ألف قذيفة سنويًا في بولندا.
إلى جانب ذلك، تناولت تقارير صحفية توجيه حصة كبيرة من سبطانات مدافع CAESAR نحو أوكرانيا
(United24/Le Monde).
هذا التوجه يُاختصر في عبارة «اقتصاد حرب» بمعنى تسريع التوريد والإنتاج وحماية سلاسل الإمداد
دون إعلان تعبئة اقتصادية شاملة. النتيجة: تقليص زمن التسليم، ومرونة أعلى في تبديل خطوط الإنتاج، واستعداد لتغطية
احتياجات فرنسا وحلفائها في حال امتدت الحرب أو توسّعت.
3) دفاع جوي متدرّج: SAMP/T NG وASTER 30 B1NT
تعلّمت باريس وأوروبا من كثافة الهجمات الصاروخية والمسيّرات في أوكرانيا أهمية طبقات دفاع جوّي متكاملة. في 2025،
أعلنت المديرية العامة للتسليح DGA نجاح تجارب ASTER 30 B1NT التي تؤهّل
النسخة الجديدة من SAMP/T NG «مامبا» لاعتراضات بعيدة المدى وعلى ارتفاعات أكبر، وفق
AeroTime،
وNaval News.
هذه الترقيات تعزّز حماية البنى التحتية والقواعد، وتزيد قدرة القوات على العمل تحت تهديد المسيّرات والصواريخ.
منظومة SAMP/T هي ثمرة تعاون فرنسي–إيطالي طويل عبر EUROSAM،
وتعتمد عائلة صواريخ Aster متعددة النسخ. لمحة عامة عن العائلة متاحة في
مدخل Aster
(للاستئناس العام، مع ضرورة الرجوع إلى المصادر الصناعية والعسكرية المتخصصة للمواصفات الدقيقة).
4) الجاهزية الطبية والمدنية: سيناريو «اشتباك كبير» حتى مارس 2026
على الصعيد الداخلي، طُلب من المنظومة الصحية الفرنسية رفع الجاهزية لاستيعاب أعداد كبيرة من الجرحى العسكريين «فرنسيين وأجانب»
ضمن شبكة المستشفيات المدنية في حال حدوث «اشتباك كبير» قبل مارس/آذار 2026.
هذا التوجيه ذُكر في تقارير إعلامية أوروبية بناءً على رسالة صادرة عن وزارة الصحة بتاريخ 18 يوليو/تموز؛
راجع Euronews.
تؤكد الحكومة أن الأمر إجراء احترازي لتعزيز المرونة الوطنية لا إعلان حرب.
عمليًا، يتضمن ذلك خطط توزيع الحالات على المناطق الصحية، وإدارة لوجستية للعمليات والإخلاء، وتعاقدات سريعة
للمواد الحيوية، وتمارين مشتركة مع وزارتي الدفاع والداخلية. الهدف النهائي: ربط الجهد العسكري بالبنية المدنية
لتفادي الاختناقات عند اتساع أي صدام.
5) القوى البشرية والاحتياط والخدمة الوطنية
تاريخيًا، حافظت فرنسا على نواة كبيرة من الاحتياط لكن دون تجنيد إجباري شامل. المقاربة الحالية
تقوم على توسيع الاحتياط وتعزيز الخدمة الوطنية الموحدة SNU في مسارات طوعية مدنية/عسكرية،
لإسناد الجيش عند الحاجة وبناء قاعدة مهارية أوسع للمجتمع في مجالات الإسعاف، الأمن السيبراني، والدعم اللوجستي.
وقد رُبط هذا بجهد صناعي وتمويلي كي لا تبقى القوى البشرية عنق زجاجة في حال الطوارئ.
6) السياسة والردع: دعم أوكرانيا وتثبيت خطوط الحمراء
على مستوى الخطاب السياسي، تستخدم باريس لغة الردع ضمن إطار أوروبي وأطلسي، وتؤكد دعم أوكرانيا
عسكريًا وصناعيًا وماليًا، مع الحذر من الانزلاق إلى مواجهة مباشرة. تصريحات ماكرون عام 2025 شددت على ضرورة رفع
جاهزية أوروبا كاملة، وعدم استبعاد السيناريوهات «نظريًا»، لكن دون إعلان النية لإرسال قوات فرنسية لقتال مباشر
في أوكرانيا. الزيادات الأخيرة في الإنفاق جزء من هذا الردع؛ انظر
AP
وFT.
ماذا يعني ذلك عمليًا لو اتسع الصراع؟
- توافر الذخائر: ضخ طاقات إنتاج أوروبية–فرنسية لضمان إمداد مستدام للمدفعية 155 ملم وأنظمة الدفاع الجوي.
- دفاع جوي طبقي: نشر تشكيلة من الوسائط (قصيرة–متوسطة–بعيدة المدى) لصد الصواريخ والمسيّرات، مع إدارة استخبارات واتصالات مرنة.
- حماية البنى الحساسة: ربط الدفاع الجوي والحرب السيبرانية والأمن الطاقي بخطط استمرارية الأعمال.
- مرونة مدنية: جاهزية المستشفيات والنقل والإمداد، وتمارين بين الوزارات، واستخدام سلطات التوريد العاجل عند الحاجة.
- شراكات أوروبية: توزيع الأعباء عبر مبادرات إنتاج مشتركة وتمويل أوروبي للدفاع، بما يقلّل فجوات المخزون والقدرة.
خلاصة تحريرية
تتحضّر فرنسا لاحتمال مواجهة كبرى ليس عبر إعلان حرب، بل عبر ردع نشط يستند إلى ثلاثة محاور:
(1) تمويل ضخم سريع الإيقاع، (2) صناعة مُسرَّعة للذخائر والمدفعية والدفاع
الجوي، و(3) مرونة مدنية–عسكرية تُبقي الدولة قادرة على امتصاص الصدمة. هذا ما تعكسه الأرقام
الرسمية لقانون البرمجة العسكرية، وخطابات الرئيس، والاختبارات الصاروخية الحديثة، والتوجيهات الصحية لسيناريو
«الاشتباك الكبير» قبل مارس 2026. في الخلاصة، تعمل باريس على رفع كلفة أي مغامرة معادية، وفي الوقت نفسه الحفاظ
على هامش مناورة سياسي يمنع الانجرار إلى مواجهة مباشرة ما أمكن.
“`0



