الشعب التونسي ينفذ انفجاره السادس.. والمكينة تصر على البقاء..
بعد ان نفذ تفجيره السادس، مرة اخرى يخلف الشعب التونسي العديد من الضحايا، ويحيل اخرى على الانعاش، تلك تجربة متجددة تقدمت حركة النهضة يليها قلب تونس ثم الحزب الحر فــ ائتلاف الكرامة، مع تراجع السيستام إلى ما وراء الحدود الدنيا، كلها مؤشرات تؤكد أنه يستحيل على أي كيان سياسي ان يصمد في وجه مطلبية ما بعد الثورة، خاصة امام الجهد الجبار الذي يصرف في تثبيت أقدام السياسي على الأرض، للشعب حق المطالبة بالأفضل، لكن هذا لا يعني ان المؤتمر والتكتل وحتى النداء وتحيا والبديل شياطين، وان النهضة وقيس سعيد هم الملائكة، فالساحة مازالت لم تهدأ.هي لا تبحث عن الافضل المنطقي المعقول، ما زالت تبحث عن المهدي المنتظر، مهدي التنمية، مهدي الأجور، مهدي الاصلاح العميق.. تلك مسألة لن تأتي إلا إرادة ثنائية، شعبية رسمية، سوف تظهر بوادرها حين يستقر السياسي بأقدار معقولة.
أدكت انتخابات 6 اكتوبر أن حركة النهضة هي المكسب الحزبي الوحيد لساحة سياسية بلا احزاب، تقتات فقط على الظواهر المؤقتة الموقوتة الوقتية المهزوزة التي لا تملك مقومات البقاء، بقدر ما تملك مقومات الانفجار والاضمحلال. ثم ان حركة النهضة هي القيمة الحزبية الثابتة في كل المحطات، منذ 2011 مع المؤتمر والتكتل الى 2014 مع النداء والحر وآفاق ، الى 2018 ما المستقلين وتحيا وصولا الى 2019 مع قلب والدستوري والكرامة.
حركة النهضة جاءت بانتخابات شعبية سنة 2011 وواصلت بانتخابات ثورية سنة 2014، وحين فقدت العمق الشعبي مال مصيرها الى بقية الأحزاب، في هذا التوقيت بالذات برزت المكينة الحزبية واسندت انتصار 2018 في البلديات وانتصار 2019 في التشريعيات.
من غير مكينة النهضة الحزبية تشكلت مكينات أخرى مالية مصالحية نخبوية نفوذية، كان نداء تونس أكبر تجلياتها، لكنه سرعان ما انهار لانه لم يتشكل في تربة حزبية وانما تشكل في تربة مالية اعلامية ازلامية اعتمدت ثقافة الضدية ولم تعتمد على ثقافة الندية، إلى جانب ذلك برزت ظاهرة إيديولوجية يسارية بملاحق قومية، كادت تتحول الى حزب لولا العبوات الوطدية الناسفة.
اليوم 6 أكتوبر 2019 أصيبت الظاهرة الحزبية المتلفزة الممقرنة إصابات بليغة، سوف تتكفل محطة 13 أكتوبر بتحويها الى مثواها الاخير او بمنحها جرعة مركزة ستكون كافية لانعاشها وإعادتها مرة اخرى إلى واجهة…وحدها طلقة قيس سعيد ستكون بمثابة رصاصة الرحمة.
سنشهد خلال المرحلة القادمة عمليات تحشيد رهيبة للسيستام..سيخوضون معركة الرئاسيات تحت شعار آخر الدواء الكي، بينما ستخوض الثورة معركتها تحت شعار النار ولا العار.. في انتظار أن نتطرق بجدية وروية الى الانتخابات التشريعية المسبقة..
نصرالدين السويلمي