كشف الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال إشرافه على إحياء الذكرى الـ22 لوفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، عن جزء مهم من مشروعه السياسي، الذي سيعتمد على مخرجات الاستشارة الإلكترونية، كما كشف عن الأسباب التي دعته إلى اتخاذ قرار حل البرلمان المجمد قائلاً «إنه بات يهدد وحدة البلاد واستقرارها».
وتحدث الرئيس سعيد، خلال زيارته أمس إلى مدينة المنستير (وسط شرقي)، مسقط رأس بورقيبة، عن جزء مهم من برنامجه السياسي المقبل، الذي يرتبط بمخرجات الاستشارة الإلكترونية التي طرحها على التونسيين، والتي انتهت في 20 مارس (آذار) الماضي، مؤكداً اعتماد التصويت على الأفراد خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو ما يعني التراجع عن اعتماد التصويت على القائمات الانتخابية، كما جرى في المحطات الانتخابية الأربع التي عرفتها البلاد منذ سنة 2011. وقال سعيد بهذا الخصوص إن «الرزمانة الانتخابية موجودة، والتصويت سيكون على الأفراد»، وهو ما أثار جدلاً سياسياً واسعاً حول الرزمانة التي يعنيها بالضبط، خصوصاً أن الانتخابات السابقة شهدت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على العملية الانتخابية برمتها.
وبخصوص الحوار الوطني المزمع إجراؤه في تونس بإشراف رئاسي، قال سعيد إن «الحوار الوطني انطلق مع المنظمات الوطنية، دون تغييب الأحزاب السياسية، باستثناء اللصوص والانقلابيين»؛ على حد قوله. غير أن مراقبين للشأن السياسي أكدوا عدم إشراك أي حزب سياسي حتى الآن، أو استدعاء قياداته إلى «قصر قرطاج»، وهو ما يضيف كثيراً من الغموض حول الأحزاب السياسية التي يعنيها الرئيس، الذي جدد التأكيد على أن الحوار «سيتم بناء على الاستشارة الشعبية»، التي وصفها بـ«الناجحة، رغم المحاولات الكثيرة لعدم تمكين الشعب التونسي من المشاركة فيها».
وفي رسالة موجهة على ما يبدو إلى «اتحاد الشغل (نقابة العمال)»، أكد الرئيس سعيد وجود عدد من المؤسسات العمومية التي يجب تطهيرها، وهو أحد أهم مطالب صندوق النقد الدولي. غير أن «اتحاد الشغل» يعدّ المساس بالحقوق المكتسبة للعمال «خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه»، وفق تصريحات نور الدين الطبوبي رئيس «نقابة العمال». لكن سعيد حاول التخفيف من حدة كلامه عن «تطهير المؤسسات العمومية»، التي تعني التفويت فيها للقطاع الخاص، بقوله إن قطاعات الصحة والتعليم والنقل والضمان الاجتماعي «لا تخضع لقاعدة الربح والخسارة، لكن يجب تطهير المؤسسات العمومية من الفساد حتى تستعيد دورها». كما شدد على ضرورة تطهير تونس من «شبكات الفساد التي تمكنت من مراكز النفوذ داخل الدولة».
على صعيد متصل، أوضح محمد التليلي المنصري، عضو هيئة الانتخابات، أن أعضاء المجلس سيخضعون للتجديد بعد انتهاء مدتهم النيابية منذ عامين، وقال إن هذا التجديد يشمل 3 أعضاء من إجمالي 9 أعضاء، هم: رئيس الهيئة نبيل بافون، ونائبه فاروق بوعسكر، وأنيس الجربوعي الذي استقال منذ مدة.
أما بشأن طريقة التجديد التي كانت من اختصاصات البرلمان المنحل، فقد أوضح المنصري أن عملية التجديد كانت ضمن اختصاص البرلمان، لكن ما دامت الصلاحيات النيابية باتت لدى رئيس الجمهورية إثر حل البرلمان، فيمكنه تسمية أعضاء جدد للهيئة، وهو ما سيطرح لاحقاً تساؤلات حول مدى حيادهم واستقلاليتهم إذا قام الرئيس بتعيينهم دون الرجوع إلى المنظمات الاجتماعية والحقوقية والأحزاب السياسية.