الأناضول – الأناضول-
– تسلم البلاد العام 1989 باعتباره “المنقذ” حينها بدعم من الإسلاميين
-أول رئيس عربي تصدر بحقه بمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية
– الاحتجاجات بدأت ضد ارتفاع الأسعار وتطورت إلى إسقاط النظام
– تدحرجت كرة الغضب الشعبي لتصل إلى اعتصام أمام مقر قيادة الجيش وتنتهي باعتقاله وتسلم الجيش السلطة لعامين
في 1989، كان حلاً سودانيا، وُصف بأنه “منقذ” رغم خلفيته العسكرية، لكنه بعد نحو 30 عاما، صار رقما مطالبا بأن يطاح به من معادلة الحلول الوطنية، مع استمرار ثورة شعبية بالبلاد منذ أشهر، والتي عدّها في تصريحات سابقة بأنها مؤامرة تريد إعادة الربيع العربي.
ولم يمهله القدر كثيرا مع غضب شعبي متصاعد، حيث أعلن الفريق أول عوض بن عوف وزير الدفاع ونائب الرئيس السوداني عمر البشير، اعتقال الأخير والتحفظ عليه في مكان آمن، وبدء الفترة الانتقالية مدتها عامان برئاسة مجلس عسكري.
عمر البشير الذي ولد في إحدى قرى السودان عام 1944م، تسلم البلد الأهم إفريقيا موحدا، لكن بعد سنوات من حكمه، انفصل الجنوب من السودان في استفتاء، وصار مهددا كأول رئيس عربي بمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية إثر اتهامات ينفيها بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
بخلفية عسكرية عتيقة، نالت القسط الأكبر من حياته بين ثكنات الجيش الذي التحق بصفوفه في سن مبكرة، تدرج البشير في دراسات العلوم العسكرية، في أعوام 1981، و1983، و1987، وبعد عامين في 30 يونيو/ حزيران 1989، قاد الانقلاب الذي دعمه الإسلاميون آنذاك على حكومة الصادق المهدي.
ولا يخفي البشير علاقاته مع تيار الإسلام السياسي، وأثرت بصورة واضحة في جنبات حكمه، مع رفض التنازل عن علاقة الدين بالدولة، وازدادت إثارة لاسيما مع صدامه مع قادة إسلاميين بارزين منهم الراحل حسن الترابي الذي دعمه للوصول لسد الحكم..
أدمن البشير، وهو عسكري بارز اللجوء للخيار العسكري أحيانا كثيرة مع أزمات تصاعدت بأرجاء حكمه، وواجه أزمة الجنوب مع اشتداد الحرب الأهلية، هناك، غير أنه استجاب لضغوط إقليمية وأمريكية، ووقع اتفاقا للسلام عام 1996 تلاه باتفاق جديد في 2002، منح الجنوب الحق في تقرير المصير بعد فترة انتقالية مدتها 6 سنوات.
واستمر البشير في توقيع اتفاقيات حل أزمة الجنوب وأبرزها في 2005 عندما وقع اتفاق سلام وتقاسم ثروة وسلطة بين الشمال والجنوب الذي حظي بحكم ذاتي، وذلك قبل أن يصوت الجنوبيون في استفتاء 9 يناير/كانون الثاني 2011 لصالح الانفصال وإنشاء دولة “جنوب السودان”.
ورغم صعوبة أزمة الجنوب، إلا أن تلقى الأزمة الأكبر التي لا تزال تلاحقه للآن، على خلفية النزاع القائم في إقليم دارفور غربي البلاد، والذي دفع مجلس الأمن ابتداء من 2001 بإقرار مجموعة من العقوبات الاقتصادية على السودان، وحظر السفر على بعض المسؤولين السودانيين اتهمهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
قبل أن تأمر المحكمة الجنائية الدولية، في مارس/آذار 2007 باعتقال مسؤولين سودانيين مقربين من البشير على خلفية نزاع دارفور، وهو ما فرضه البشير، قبل أن يدخل في لائحة المتابَعين في قضية دارفور، ففي 14 يوليو/تموز 2008 صدرت بحقه مذكرة اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة.
ولم تنته الأزمات لاسيما التي رفع فيها السلاح ضد البشير، خاصة في مايو/آيار 2011، عندما واجه اتهامات بتزوير الانتخابات في ولاية بجنوب البلاد، ما أجج حربا سودانية بين أطراف الجنوب والغرب، حسمها البشير مجددا بقوة التدخل العسكري الذي استطاع استعادة حقوقل بترول هجليج النفطية بعد هجوم من حكومة الجنوب في 2012.
وليس السلاح وحده الذي أرق البشير، فالخروج الشعبي الذي ظهر في 2013، كان أيضا مؤرقا له، عقب مطالبات شعبية برحيله، ويحبط محاولة انقلابية ضده في العام ذاته.
ولم يجد البشير، إزاء ذلك في 2014 ، إلا طرح مبادرة للحوار الشامل، مع القوى السياسية المعارضة، واستطاع بعد عام أن يفوز بنسبة 94.5% من الأصوات برئاسيات 2015.
لكن بعد 4 سنوات لم تسر الأمور كما أراد البشير، فمنذ نحو 4 أشهر، واحتجاجات السودان الذي لم يشارك بالموجة الأولى للربيع العربي إبان 2011، تتصاعد منددة بالغلاء، هتفت مؤخرا بتنحي البشير.
وتدحرجت كرة الغضب الشعبي لتزداد المطالب الشعبية قوة بمطلب تنحي البشير، وتبدأ اعتصاما أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم، لتطالب بإسقاط من كان منقذا قبل نحو 30 عاما، عبر انقلابه العسكري، في ثورة شعبية متصاعدة لم تلجأ للسلاح.
أعلن الفريق أول عوض بن عوف وزير الدفاع ونائب الرئيس السوداني عمر البشير بيان القوات المسلحة اعتقال الرئيس البشير والتحفظ عليه في مكان آمن، وبدء الفترة الانتقالية مدتها عامان.