أوضح أستاذ القانون العام محمّد صالح بن عيسى أنّ عدم تكافؤ الفرص بين المترشحين الإثنين للإنتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها في دورها الثاني (قيس سعيد ونبيل القروي) جعل الوضعيّة غير عاديّة بالنظر إلى وجود تضارب بين ضرورة تحقيق شفافيّة العمليّة الانتخابية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين من جهة واستقلالية القضاء من جهة أخرى.
وقال في تصريح اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر 2019، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء انّ إمكانيّة إلغاء الدور الثاني للانتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها واردة وتكون بصفة مسبقة من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات لعدم توفّر الشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي أو إثر إعلان النتائج النهائيّة وبعد تقدّم من له مصلحة بطعون في الغرض.
وأكّد أنّ الكلمة الأخيرة بخصوص هذه المسألة بيد هيئة الانتخابات التي بإمكانها اتخاذ قرار إبطال الانتخابات لعدم تكافؤ الفرص أحد الشروط المنصوص عليها بالقانون الإنتخابي ولوجود خروقات جسمية أثرت بصفة حاسمة على العمليّة الإنتخابية.
وبين بن عيسى أنّ عملية الطعن في النتائج النهائيّة للإنتخابات الرئاسيّة قد حصرها القانون الانتخابي لسنة 2014 في المترشّحين للدور الأوّل بما يعني أنّ عملية الطعن ليست متاحة لأي كان على غرار الناخبين.
كما أشار إلى أنّ القضاء اتخذ موقفه ورفض كلّ المطالب المقدّمة للإفراج عن القروي وأن التفقدية العامة بوزارة العدل قد أقرّت بسلامة الإجراءات التي تمّ إتباعها لكنّ وجود مترشّح في السجن وآخر طليق ويقوم بحملته الانتخابية ويتنقّل بين المنابر الإعلامية رغم انّ الخطأ ليس خطأه قد أخلّ بمبدأ الشفافيّة مبيّنا أنّ خروج القروي من السجن سيضع حدّا لمسألة عدم تكافؤ الفرص رغم أن المسألة قابلة للنقاش لعدم تمتعه بالمساحة الإعلامية التي خصّصت لبقية المترشّحين.
من جهة اخرى بين صالح بن عيسى ان امكانية إعادة إجراء الانتخابات الرئاسية و إلغاء نتائجها سيطرح إشكالا آخر يتمثّل أساسا في خرق الآجال الدستورية التي تم تحديدها لانتخاب رئيسا للجمهورية في صورة الوفاة والمتمثّلة في 90 يوما.
يذكر انه تم إيقاف المترشح للإنتخابات الرئاسية، نبيل القروي يوم 23 أوت 2019، تنفيذا لبطاقة الجلب الصادرة ضده عن إحدى دوائر محكمة الإستئناف بتونس في قضية رفعتها ضده منظمة “أنا يقظ” بخصوص شبهة غسل وتبييض الأموال، وذلك باستعمال الشركات التي يملكها صحبة شقيقه غازي القروي، في كل من المغرب والجزائر واللكسمبورغ.
وقد رفضت دائرة الإتهام الصيفية بمحكمة الإستئناف بتونس، يوم 5 سبتمبر 2019، مطلبا للإفراج عنه والإبقاء على التدابير الاحترازية التي تمّ اتخاذها منذ فترة ضد الشقيقين القروي، والمتعلّقة بتحجير السفر وتجميد التعامل على ممتلكات نبيل القروي الذي يرأس حاليا حزب “قلب تونس”.
وكان عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنيس الجربوعي قد صرح ” ان هيئة الانتخابات وجدت نفسها في وضعية محرجة للغاية ومزعجة نظرا إلى عدم تمتع المترشحين للانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية (قيس سعيد ونبيل القروي) بالحظوظ ذاتها ببقاء القروي في السجن”.
وأشار إلى انّ الهيئة تخشى كذلك من عدم القبول بنتائج الانتخابات من قبل الرأي العام إذا استمر وجود المترشح، نبيل القروي، في السجن”، مؤكدا أن دور هيئة الانتخابات ليس تقنيا فقط بل يتمثل أساسا في حماية المسار الديمقراطي” وفق تعبيره.
وتجدر الاشارة الى ان جلسة جمعت امس مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بالمترشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، قيس سعيد، حول “تطبيق ضوابط الحملة الانتخابية والالتزام بفترة الصمت بالنسبة للانتخابات التشريعية والتي توافق يومي 5 و6 أكتوبر 2019”.
وتناولت الجلسة، وفق بلاغ صادر عن هيئة الانتخابات، تأثير ما أسمته الهيئة “الظرف الاستثنائي” المتمثل في وجود المترشح الثاني للدور الثاني من الاستحقاق الرئاسي، نبيل القروي في وضعية إيقاف على ذمة العدالة ، على ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين الاثنين.
يذكر أن الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها جرت في دورتها الأولى يوم يوم 15 سبتمبر الحالي وأسفرت عن مرور المترشحين قيس سعيد (مستقل) ونبيل القروي (حزب قلب تونس ) الى الدور الثاني.