أبرز الاستفتاءات التي غيرت تاريخ الدول
أبرز الاستفتاءات التي غيرت تاريخ الدول
(أ ف ب)
24 – راما الخضراءالثلاثاء 26 سبتمبر 2017 / 17:12
صوت إقليم كردستان العراق على الاستقلال في استفتاء تاريخي يريد من خلاله الأكراد فتح باب التفاوض من إجل إقامة دولة يناضلون في سبيلها منذ قرن تقريباً، لكنه يهدد باندلاع صراع إثر مطالبة البرلمان العراقي الحكومة الاتحادية بنشر قوات في المناطق المتنازع عليها.
ويتوقع أن تصدر نتيجة الاستفتاء الذي شاركت فيه أيضاً محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد وأربيل بعد 24 ساعة من إقفال مراكز الاقتراع.
ودعي أكثر من 5 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الذي جرى في المحافظات الثلاث من إقليم كردستان العراق، إربيل والسليمانية ودهوك، كما في مناطق متنازع عليها بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية، مثل كركوك وخانقين في محافظة ديالى شمال شرق بغداد.
ويشكل الاستفتاء رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وعبّرت دول مجاورة للعراق مثل تركيا وإيران عن رفضها للاستفتاء، خشية أن تحذو الأقليات الكردية على أراضيها حذو اكراد العراق، كما أنه قد يفتح جبهة صراع داخلي في الدولة والمنطقة المضطربة أصلاً، ويخلق واقعاً جديداً للمنطقة، وسيأخذ العراق إلى طريق مجهول.
وفيما يلي نبرز أهم الاستفتاءات التي غيرت أو ستغير مصير دول بأكملها:
استفتاء استقلال اسكتلندا
الاستفتاء العام لاستقلال اسكتلندا عام 2014، هو الاستفتاء الشعبي الذي أجرته الحكومة الاسكتلندية يوم الخميس 18 سبتمبر (أيلول)، والذي رفض فيه الناخبين استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة بنسبة 55.42% مقابل نسبة 44.58 % كانت تؤيد الاستقلال.
وبعد إعلان النتيجة اعترفت نائب زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي المؤيد للاستقلال نيكولا ستورجين بالهزيمة، حيث قالت ستورجين في تصريحات صحافية إنها تشعر بخيبة أمل بعد عجز الحملة المؤيدة للاستقلال عن تأمين العدد الكافي من الأصوات المؤيدة.
وتم إجراء هذا الاستفتاء وفق الاتفاقية التي وقعتها كل من الحكومة الإسكتلندية والحكومة المركزية بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، وكان نص السؤال في الاستفتاء “هل ينبغي أن تكون اسكتلندا دولة مستقلة؟”.
وطالبت اسكتلندا مجدداً بتنظيم استفتاء جديد للاستقلال، بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأدى تصويت المملكة المتحدة العام الماضي للخروج من الاتحاد إلى توتر الروابط بين المناطق الأربع التي تتألف منها المملكة، لأن إنجلترا وويلز صوتتا لصالح الخروج، في حين صوتت اسكتلندا وايرلندا الشمالية لصالح البقاء.
بريكست
استفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، جرى يوم الخميس 23 يونيو (حزيران) 2016، وأسفر عن صدمة عالمية، وغموض لم ينته حتى الآن حول مصير المملكة المتحدة.
وأثارت نتيجة الاستفتاء غير المتوقعة زلزالاً عالمياً، بعد فوز المعسكر المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخالفته جميع استطلاعات الرأي، مما أعطى دفعاً لصعود نجم اليمين المتطرف في القارة الأوروبية والولايات المتحدة أيضاً.
وصوّت في الاستفتاء نحو 17.4 مليون شخص (51.9%) لصالح الخروج من الاتحاد، مقابل 16.1 مليوناً (48.1%) لصالح البقاء فيه.
وأسفر الاستفتاء عن استقالة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وخلفته تيريزا ماي التي أعلنت عن انتخابات برلمانية مبكرة وتفعيل معاهدة لبشونة لبدء إجراءات الانفصال التي ما زالت مستمرة والتي من الموقع أن تستمر أعواماً أيضاً.
استفتاء اليونان
في 5 يوليو (تموز) 2015، نظم استفتاء اليونان حول الخطة الدولية لإنقاذ البلاد من أزمتها المالية، ورفض الناخبون البالغ عددهم أكثر من 9 ملايين الخطة، بنسبة 61.21%، بينما أيدها 38.74%.
وكان كبار السن أول الوافدين على مراكز الاقتراع، وقدرت بعض وسائل الإعلام أن أغلبهم يوافق على الخطة دعماً لعودة الاستقرار، فيما ترفضها الفئة الشابة لأنها ترى في الخطة التي طرحتها المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي أثناء اجتماع مجموعة اليورو هيمنة أوروبية على بلادهم، وأن التقشف راكم معاناة اليونان واليونانيين.
وينص الدستور اليوناني على وجوب مشاركة 40% من الناخبين المسجلين على الأقل لتمرير الاستفتاء الذي قدرت بعض التوقعات تكلفته بنحو مائة مليون يورو.
وجاء الاستفتاء المذكور بعد 5 أشهر من المباحثات بين منطقة اليورو والحكومة اليونانية التي شكلها نهاية يناير (كانون الثاني) 2015، حزب “سيريزا” اليساري الراديكالي بزعامة رئيس الحكومة ألكسيس تسيبراس، المتحمس لرفض الخطة مع حزب “اليونانيون المستقلون” اليميني.
وكانت الجهات الدائنة وهي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، منحت اليونان 240 مليار يورو من المساعدات وقروضاً عام 2011، لكن ذلك لم يوقف تدهور الوضع المالي والاقتصادي، مما فرض خطة إنقاذ ثانية عام 2012، منحت بموجبها لليونان قروضاً إضافية بقيمة 130 مليار يورو وشطباً كثيفاً للدين الخاص الذي وصل إلى 107 مليارات يورو، مقابل تدابير جديدة لتصحيح مالية البلاد.
واشترط الدائنون تبني إصلاحات وتدابير جديدة للتوفير والتقشف، لكن أثينا رفضت ذلك لصعوبة آثارها الاجتماعية، حيث انخفض متوسط عائد الفرد بأكثر من 3 آلاف يورو بين العامين 2010 و2013، وارتفعت البطالة 4 أضعاف لتصل إلى 27.5% في 2013.
وبعد فشل التوصل إلى اتفاق مع الدائنين، أعلن تسيبراس تنظيم الاستفتاء الذي يطرح سؤالاً صعباً خصوصاً مع توقف برنامج المساعدة الأوروبية.
وفاز رافضو خطة الإنقاذ التي تتضمن إجراءات تقشف جديدة، بنسبة 61.31% مقابل 38.69% للمؤيدين، وفقاً للنتائج النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية. وبلغت نسبة المشاركة 62.5%.
وفور الإعلان عن النتيجة، أعلن وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس استقالته في حين بدأ القادة الأوروبيون مشاورات مكثفة بشأن خطة التعامل مع النتائج ومستقبل المفاوضات مع أثينا.
استفتاء تركيا
نظم يوم 16 أبريل (نيسان) 2017، وانتهى بانتصار “نعم” لصالح التعديلات الدستورية التي اقترحها حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، وتقضي أساساً بالانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي وتقوي صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، مما أثار مخاوف تحول تركيا إلى دكتاتورية.
وصوّت في الاقتراع 24 مليوناً و763 ألف ناخب بـ “نعم” مقابل 23 مليوناً و511 ألفاً صوتوا بـ “لا”.
وأقر البرلمان التركي يوم 12 يناير (كانون الثاني) 2017 مشروع التعديلات الدستورية الذي تقدم به الحزب الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، مما أثار مخاوف حول تراجع الديمقراطية في البلاد وتسييس السلطة القضائية والحد من صلاحيات البرلمان.
استفتاء جنوب السودان
جرى في الفترة من 9 يناير (كانون الثاني) وحتى 15 يناير 2011، حول ما إذا كان سكان جنوب السودان يرغبون بالبقاء بدولة واحدة مع السودان أو الانفصال بدولة مستقلة وذلك تنفيذاً لبنود اتفاقية السلام الشامل التي وقعت في نيفاشا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في 9 يناير 2005.
وأعلنت نتيجة الاستفتاء في 7 فبراير (شباط) 2011، وكانت نتيجتها موافقة 98.83 من المصوتين على الانفصال عن السودان الموحد.
وأعلن الانفصال رسمياً في 9 يوليو (تموز) 2011، في حفل كبير بعاصمة الجنوب جوبا، بحضور الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سيلفا كير وعدد من زعماء الدول.
إلا أن الدولة الحديثة وقعت في براثن حرب أهلية قبلية أسفر مقتل الآلاف وتشريد الكثيرين.
استفتاء كتالونيا
أعلن رئيس حكومة كتالونيا كارلوس بيغمونت أن استفتاء عاماً حول استقلال هذا الإقليم عن إسبانيا، سيجري في 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
واعتبرت المحكمة الدستورية الإسبانية اعتبرت في 14 فبراير الماضي أن القرارين اللذين أصدرهما برلمان كتالونيا حول إجراء استفتاء بشأن الاستقلال غير شرعيين، وفي4 نيسان (أبريل) الماضي قبلت المحكمة شكوى الحكومة، ولم يستبعد نائب رئيس الحكومة الكتالونية أوريول غونكراس أن يعلن الإقليم استقلاله من جانب واحد في ضربة قوية قد يتم توجيهها إلى الأمة الإسبانية.
ويقع إقليم كتالونيا في الشمال الشرقي لإسبانيا، تفوق مساحته ٣٢٠٠٠ كلم مربع، وهو سادس أكبر منطقة من حيث المساحة في إسبانيا التي تضم 17 إقليماً يمتعون جميعاً بالحكم الذاتي.
وينقسم الإقليم إلى 4 مدن وهي: برشلونة عاصمة الإقليم، تراجونا، لاردا، غرانادا، ويتحدث سكان المقاطعة اللغتين الإسبانية والكتالانية.
ويعود العداء بين كتالونيا وإسبانيا لفترة طويلة، ويعتبر المواطنين الكتالان أنفسهم غير إسبان، والكثير منهم يرفضون الحديث باللغة الإسبانية، ولا يتحدثون إلا الكتالانية فقط، وأهالي كتالونيا يرون أنهم أرض محتلة من طرف إسبانيا بعد صلح البرانس التي وقعته إسبانيا مع فرنسا في أعقاب حربهم التي استمرت منذ عام ١٦٣٥ وحتى عام ١٦٥٩.
حصل إقليم كتالونيا على الحكم الذاتي عام ١٩٣١، إلا أن الدكتاتور فرانثيسكو فرانكو أعلن انقلابه العسكري علي السلطة الحاكمة آنذاك عام ١٩٣٦ حين بدأت الحرب الأهلية الإسبانية، وألغى الحكم الذاتي في كتالونيا.
وقمع فرانكو كل أنواع الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية الكتالانية، بما في ذلك نشر الكتب عن هذه المواضيع أو مناقشتها في جلسات مفتوحة، وحظر استخدام اللغة الكتالانية، واستمر الكتالان في نضالهم ضد الجنرال فرانكو حتى عام 1975، حتى استردت المقاطعة حكمها الذاتي بعد وفاته، ومنذ ذلك الحين أضحت كتالونيا هي المنطقة الاقتصادية الرائدة في إسبانيا، مع ما يقرب من ٢٠٪ من الناتج القومي الإجمالي لهذه المنطقة.
ويرى مراقبون أن انفصال كتالونيا لن يمرر بسهولة من قبل حكومة إسبانيا أو الاتحاد الأوروبي، الذي قد يدعم إسبانيا ويهدد كتالونيا بعدم ضمها في حالة الاستقلال.
استفتاءات شهيرة
من أشهر الاستفتاءات منذ بداية القرن العشرين الاستفتاء الذي أدى إلى انفصال النروج عن السويد سنة 1944، وكذلك الذي أدى إلى استقلال إيسلندا سنة 1944.
وأجرت كندا تصويتين سنتي 1980 وسنة 1995 في كبيك في كندا، للانفصال أو البقاء ضمن كندا موحدة.
وإقليم كبيك تقطنه غالبية ناطقة بالفرنسية، وخسر أنصار الاستقلال مرتين.
وشهدت بويرتوريكو سنة 1991 استفتاء تقرير المصير للبقاء ضمن الولايات المتحدة أو الاستقلال التام، ونجح أنصار الوحدة بفارق نقاط قليلة.
ونتج عن تفكك الاتحاد السوفياتي أكبر موجة من الاستفتاءات أدت الى ظهور دويلات وجمهوريات جديدة مثل لتونيا وإستونيا ولتوانيا وجورجيا.
كما تسبب نهاية الحرب الباردة في استفتاءات أخرى أدت إلى حروب دموية مثلما حدث في يوغوسلافيا، حيث آخر استفتاء هو الذي جرى سنة 2008 وأدى الى دولة كوسوفو التي يعترف بها الغرب دون الصين وروسيا.
ويعتبر استفتاء تيمور الشرقية الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة من أشهر استفتاءات تقرير المصير، وجرى عام 1999 حيث انفصلت عن إندونيسيا، وأسست دولة جديدة هي تيمور الشرقية انضمت إلى الأمم المتحدة سنة 2002.
وتعتبر القومية محركاً رئيسياً لاستفتاءات تقرير المصير في العالم، إلا أن الفوز بعدد الأصوات، لا يعني أن القرار كان صحيحاً أو نجحاً، كما أن النتيجة الكارثية يدفع ثمنها المدنيون.